وأما القراآت الأخر من الجموع فمنزلة بعد منزلة، فزلف جمع كظلم، وزلف كبسر في بسر، وزلف كبسر في بسرة، فهما اسما جنس، وزلفى بمنزلة الزلفة.
والظاهر عطف وزلفاً من الليل على طرفي النهار، عطف طرفاً على طرف.
وقال الزمخشري : وقد ذكر هذه القراآت وهو ما يقرب من آخر النهار من الليل.
وقيل : زلفاً من الليل، وقرباً من الليل، وحقها على هذا التفسير أن تعطف على الصلاة أي : أقم الصلاة في النهار، وأقم زلفى من الليل على معنى صلوات يتقرب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل.
والظاهر عموم الحسنات من الصلوات المفروضة، وصيام رمضان، وما أشبههما من فرائض الإسلام.
وخصوص السيئات وهي الصغائر، ويدل عليه الحديث الصحيح :" ما اجتنبت الكبائر " وذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين : إلى أنّ الحسنات يراد بها الصلوات الخمس، وإليه ذهب عثمان عند وضوءه على المقاعد، وهو تأويل مالك.
وقال مجاهد : الحسنات قول الرجل : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وينبغي أن يحمل هذا كله على جهة المثال في الحساب، ومن أجل أنّ الصلوات الخمس هي أعظم الأعمال.
والصغائر التي تذهب هي بشرط التوبة منها وعدم الإصرار عليها، وهذا نص حذاق الأصوليين.
ومعنى إذهابها : تكفير الصغائر، والصغائر قد وجدت وأذهبت الحسنات ما كان يترتب عليها، لا أنها تذهب حقائقها، إذ هي قد وجدت.
وقيل : المعنى إنّ فعل الحسنات يكون لطفاً في ترك السيئات، لا أنها واقعة كقوله :﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴾ والظاهر أنّ الإشارة قوله ذلك، إلى أقرب مذكور وهو قوله : أقم الصلاة أي إقامتها في هذه الأوقات.
ذكرى أي : سبب عظة وتذكرة للذاكرين أي المتعظين.
وقيل : إشارة إلى الإخبار بأنّ الحسنات يذهبن السيئات، فيكون في هذه الذكرى حضّاً على فعل الحسنات.


الصفحة التالية
Icon