وعادةً ما يعد الوسط هو نقطة المنتصف تماماً، وما على يمينها يقسم إلى عشرة أجزاء، وما على يسارها يقسم إلى عشرة أجزاء أخرى، وكل قسم بين تلك الأجزاء التي على اليمين و التي على اليسار يعد طرفاً.
وقول الحق سبحانه :
﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾ [ هود : ١١٤ ].
يقتضي أن تعرف أن النهار عندنا إنما نتعرف عليه من بواكير الفجر الصادق، وهذا هو أول طرف نقيم فيه صلاة الفجر، ثم يأتي الظهر ؛ فإن وقع الظهر قبل الزوال حسبناه من منطقة ما قبل الوسط، وإن كان بعد الزوال حسبناه من منطقة ما بعد الوسط.
وبعد الظهر هناك العصر، وهو طرف آخر.
وقول الحق سبحانه :
﴿ وَزُلَفاً مِّنَ اليل ﴾ [ هود : ١١٤ ].
يقتضي منا أن نفهم أن كلمة ﴿ زُلَفاً ﴾ هي جمع ؛ زلفة، وهي مأخوذة من : أزلفه، إذا قرَّبه.
والجمع أقله ثلاثة ؛ ونحن نعلم أن لنا في الليل صلاة المغرب، وصلاة العشاء، ولذلك نجد الإمام أبا حنيفة يعتبر الوتر واجباً، فقال : إن صلاة العشاء فرض، وصلاة الوتر واجب ؛ وهناك فرق بين الفرض والواجب.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك مباشرة :
﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ [ هود : ١١٤ ].
وهذا التعقيب يضع الصلاة في قمة الحسنات، وقد أوضح رسول الله ﷺ هذا بأن قال :" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تُغْشَ الكبائر ".
واختلف العلماء في معنى السيئات والحسنات، وقال بعضهم : الحسنة هي ما جعل الله سبحانه على عملها ثواباً، والسيئة هي ما جعل الله على عملها عقاباً.
وأول الحسنات في الإيمان أن تشهد أن لا إله إلا الله، وهذه حسنة أذهبت الكفر ؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
ولذلك قال بعض العلماء : إن المسلم الذي ارتكب معصية أو كبيرة من الكبائر، لا يخلد في النار ؛ لأنه إذا كانت حسنة الإيمان قد أذهبت سيئة الكفر، أفلا تذهب ما دون الكفر؟.