قوله :﴿ فَتَمَسَّكُمُ النار ﴾ بسبب الركون إليهم، وفيه إشارة إلى أن الظلمة أهل النار، أو كالنار، ومصاحبة النار توجب لا محالة مسّ النار، وجملة :﴿ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ في محل نصب على الحال من قوله : فتمسكم النار.
والمعنى : أنها تمسكم النار حال عدم وجود من ينصركم، وينقذكم منها ﴿ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ من جهة الله سبحانه، إذ قد سبق في علمه أنه يعذبكم بسبب الركون الذي نهيتم عنه، فلم تنتهوا عناداً وتمرّداً.
قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَىِ النهار ﴾ لما ذكر الله سبحانه الاستقامة خصّ من أنواعها إقامة الصلاة لكونها رأس الإيمان، وانتصاب ﴿ طرفي النهار ﴾ على الظرفية، والمراد : صلاة الغداة والعشيّ، وهما : الفجر والعصر.
وقيل : الظهر موضع العصر، وقيل : الطرفان الصبح والمغرب.
وقيل : هما الظهر والعصر.
ورجح ابن جرير أنهما الصبح والمغرب، قال : والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدلّ على أن الطرف الآخر المغرب ﴿ وَزُلَفاً مِّنَ اليل ﴾ أي : في زلف من الليل، والزلف : الساعات القريبة بعضها من بعض، ومنه سميت المزدلفة لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة، وقرأ ابن القعقاع وأبو إسحاق وغيرهما "زلفاً" بضم اللام جمع زليف، ويجوز أن يكون واحده زلفة.
وقرأ ابن محيصن بإسكان اللام.
وقرأ مجاهد :"زلفى" مثل فعلى.
وقرأ الباقون :"زلفاً" بفتح اللام كغرفة وغرف.
قال ابن الأعرابي : الزلف الساعات واحدتها زلفة.
وقال قوم : الزلفة أوّل ساعة من الليل بعد مغيب الشمس.
قال الأخفش : معنى ﴿ زلفاً من الليل ﴾ : صلاة الليل ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ أي : إن الحسنات على العموم، ومن جملتها بل عمادها الصلاة يذهبن السيئات على العموم.