وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ فلولا كان من القرون ﴾
يعني فهلا كان من القرون التي أهلكناهم ﴿ من قبلكم ﴾ يعني يا أمة محمد ﴿ أولو بقية ﴾ يعني أولوا تمييز وطاعة وخير يقال فلان ذو بقية إذا كان فيه خير وقيل معناه أولوا بقية من خير يقال فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة ﴿ ينهون عن الفساد في الأرض ﴾ يعني يقومون بالنهي عن الفساد في الأرض والآية للتقريع والتوبيخ يعني لم يكن فيهم من فيه خير ينهى عن الفساد عن الأرض فلذلك أهلكناهم ﴿ إلا قليلاً ﴾ هذا استثناء منقطع معناه لكن قليلاً ﴿ ممن أنجينا منهم ﴾ يعني من آمن الأمم الماضية وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض ﴿ واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ﴾ يعني واتبع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي ما تنعموا فيه والترف التنعم والمعنى أنهم اتبعوا ما تعودوا به من النعم وإيثار اللذات على الآخرة ونعيمها ﴿ وكانوا مجرمين ﴾ يعني كافرين ﴿ وما كان ربك ﴾ يعني وما كان ربك يا محمد ﴿ ليهلك القرى بظلم ﴾ يعني لا يهلكهم بظلم منه ﴿ وأهلها مصلحون ﴾ يعني : في أعمالهم ولكن يهلكهم بكفرهم وركوبهم السيئات، وقيل : في معنى الآية وما كان ربك ليهلك القرى بمجرد شركهم إذا كانوا مصلحين يعني يعامل بعضهم بعضاً بالصلاح والسداد والمراد من الهلاك عذاب الاستئصال في الدنيا أما عذاب الآخرة فهو لازم لهم ولهذا قال بعض الفقهاء إن حقوق الله مبناها على المسامحة والمساهلة وحقوق العباد مبناها على التضييق والتشديد. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾