وقال ابن عطية :
﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
قوله :﴿ وكلاًّ ﴾ مفعول مقدم ب ﴿ نقص ﴾ وقيل : هو منصوب على الحال، وقيل على المصدر.
قال القاضي أبو محمد : وهذان ضعيفان، و﴿ ما ﴾ بدل من قوله :﴿ كلاًّ ﴾، و﴿ نثبت به فؤادك ﴾ أي نؤنسك فيما تلقاه، ونجعل لك الأسوة في مَنْ تقدمك مِن الأنبياء، وقوله :﴿ في هذه ﴾ قال الحسن : هي إشارة إلى دار الدنيا، وقال ابن عباس : إلى السورة والآيات التي فيها ذكر قصص الأمم، وهذا قول الجمهور.
قال القاضي أبو محمد : ووجه تخصيص هذه السورة بوصفها ب ﴿ الحق ﴾ - والقرآن كله حق - أن ذلك يتضمن معنى الوعيد للكفرة والتنبيه للناظر، أي جاءك في هذه السورة الحق الذي أصاب الأمم الظالمة، وهذا كما يقال عند الشدائد : جاء الحق وإن كان الحق يأتي في غير شديدة وغير ما وجه، ولا يستعمل في ذلك : جاء الحق، ثم وصف أيضاً أن ما تضمنته السورة هي ﴿ موعظة وذكرى للمؤمنين ﴾ ؛ فهذا يؤيد أن لفظة ﴿ الحق ﴾ إنما تختص بما تضمنت من وعيد للكفرة.
وقوله تعالى :﴿ وقل للذين لا يؤمنون ﴾ الآية، هذه آية وعيد، أي ﴿ اعملوا ﴾ على حالاتكم التي أنتم عليها من كفركم.
وقرأ الجمهور هنا :﴿ مكانتكم ﴾ واحدة دالة على جمع وألفاظ هذه الآية تصلح للموادعة، وتصلح أن تقال على جهة الوعيد المحض والحرب قائمة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾