وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ ﴾
"كُلاًّ" نصب ب "نقص" معناه وكلّ الذي تحتاج إليه من أنباء الرسل نقصّ عليك.
وقال الأخفش :"كُلاًّ" حال مقدّمة، كقولك : كُلاًّ ضربت القوم.
﴿ مِنْ أَنْبَاءِ الرسل ﴾ أي من أخبارهم وصبرهم على أذى قومهم.
﴿ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ أي على أداء الرسالة، والصبر على ما ينالك فيها من الأذى.
وقيل : نزيدك به تثبيتاً ويقيناً.
وقال ابن عباس : ما نشدّ به قلبك.
وقال ابن جُريج : نُصبّر به قلبك حتى لا تجزع.
وقال أهل المعاني : نُطيّب، والمعنى متقارب : و "ما" بدل من "كلاً" المعنى : نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك.
﴿ وَجَآءَكَ فِي هذه الحق ﴾ أي في هذه السورة ؛ عن ابن عباس وأبي موسى وغيرهما ؛ وخصّ هذه السورة لأنّ فيها أخبار الأنبياء والجنة والنار.
وقيل : خصّها بالذّكر تأكيداً وإن كان الحقّ في كل القرآن.
وقال قَتَادة والحسن : المعنى في هذه الدنيا، يريد النبوّة.
﴿ وَمَوْعِظَةٌ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ الموعظة ما يُتّعظ به من إهلاك الأمم الماضية، والقرون الخالية المكذبة ؛ وهذا تشريف لهذه السّورة ؛ لأن غيرها من السّور قد جاء فيها الحقّ والموعظة والذّكرى ولم يقل فيها كما قال في هذه على التّخصيص.
"وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ" أي يتذكرون ما نزل بمن هلك فيتوبون ؛ وخصّ المؤمنين لأنهم المتّعظون إذا سمعوا قصص الأنبياء.
قوله تعالى :﴿ وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾
تهديد ووعيد.
﴿ إِنَّا عَامِلُونَ ﴾ ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ﴾ تهديد آخر، و قد تقدّم معناه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾