وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ﴾
لما ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة الكريمة قصص الأمم الماضية والقرون الحالة وما جرى لهم مع أنبيائهم خاطب نبيه ( ﷺ ) بقوله وكلاًّ نقص عليك يا محمد من أنباء الرسل يعني من أخبار الرسل وما جرى لهم مع قومهم ما نثبت به فؤادك يعني ما نقوي به قلبك لتصبر على أذى قومك وتتأسى بالرسل الذين خلوا من قبلك وذلك لأن النبي ( ﷺ ) إذا سمع هذه القصص وعلم أن حال جميع الأنبياء مع أتباعهم هكذا سهل عليه تحمل الأذى من قومه وأمكنه الصبر عليه ﴿ وجاءك ﴾ يا محمد ﴿ في هذه الحق ﴾ اختلفوا في هذا الضمير إلى ماذا يعود فقيل معناه وجاءك في هذه الدنيا الحق وفيه بعد لأنه لم يجر للدنيا ذكر حتى يعود الضمير إليها وقيل في هذه الآية وقيل في هذه السورة وهو الأقرب وهو قول الأكثرين فإن قلت جاءه الحق في سورة القرآن فلم خص هذه السورة بالذكر قلت لا يلزم من تخصيص هذه السورة بالذكر أن لا يكون قد جاءه الحق في غيرها من السور بل القرآن كله حق وصدق وإنما خصها بالذكر تشريفاً لها ﴿ وموعظمة وذكرى للمؤمنين ﴾ أي وهذه السورة موعظة يتعظ بها المؤمنون إذا تذكروا أحوال الأمم الماضية وما نزل بهم ﴿ وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم ﴾ فيه وعيد وتهديد يعني اعملوا ما أنتم عاملون فستعلمون عاقبة ذلك العمل فهو كقوله : إعملوا ما شئتم ﴿ إنا عاملون ﴾ يعني ما أمرنا به ربنا ﴿ وانتظروا ﴾ يعني ما يعدكم به الشيطان ﴿ إنا منتظرون ﴾ يعني ما يحل بكم من نقمة الله وعذابه إما في الدنيا وإما في الآخرة. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾