وقال ابن عاشور :
﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
هذا تذييل وحوصلة لما تقدّم من أنباء القرى وأنباء الرسل...
فجملة ﴿ وكُلاّ نَقُصّ عليك من أنباء الرسل ﴾ إلى آخرها عطفُ الإخبار على الإخبار والقصة على القصة، ولك أن تجعل الواو اعتراضيّة أو استئنافية.
وهذا تهيئة لاختتام السورة وفذلكة لما سيق فيها من القصص والمواعظ.
وانتصف ﴿ كُلاّ ﴾ على المفعولية لفعل ﴿ نقُصُّ ﴾.
وتقديمه على فعله للاهتمام ولِمَا فيه من الإبهام ليأتي بيانه بعده فيكون أرسخ في ذهن السامع.
وتنوين ﴿ كُلاّ ﴾ تنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف المبيّن بقوله :﴿ من أنباء الرسل ﴾.
فالتقدير : وكلّ نبأ عن الرسل نقصّه عليك، فقوله :﴿ من أنباء الرسل ﴾ بيان للتّنوين الذي لحق ( كلاّ ).
و﴿ ما نثبّت به فؤادك ﴾ بدل من ﴿ كلاّ ﴾.
والقصص يأتي عند قوله تعالى :﴿ نحن نقصّ عليك أحسن القصص ﴾ في أوّل سورة [ يوسف : ٣ ].
والتثبيت : حقيقته التسكين في المكان بحيث ينتفي الاضطراب والتزلزل.
وتقدّم في قوله تعالى :﴿ لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتاً ﴾ في سورة [ النساء : ٦٦ ]، وقوله :﴿ فثبتوا الذين آمنوا ﴾ في سورة [ الأنفال : ١٢ ]، وهو هنا مستعار للتقرير كقوله :﴿ ولكن ليطمئن قلبي ﴾ [ البقرة : ٢٦٠ ].
والفؤاد : أطلق على الإدراك كما هو الشّائع في كلام العرب.
وتثبيت فؤاد الرّسول ﷺ زيادة يقينه ومعلوماته بما وعده الله لأن كل ما يعاد ذكره من قصص الأنبياء وأحوال أممهم معهم يزيده تذكراً وعلماً بأنّ حاله جار على سنن الأنبياء وازداد تذكراً بأنّ عاقبته النصر على أعدائه، وتجدّد تسلية على ما يلقاه من قومه من التكذيب وذلك يزيده صبراً.
والصبر : تثبيت الفؤاد.


الصفحة التالية
Icon