وقال ابن عطية :
﴿ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) ﴾
تقدم القول في فواتح السور، و﴿ الكتاب ﴾ القرآن، ووصفه ب ﴿ المبين ﴾ قيل : من جهة أحكامه وحلاله وحرامه، وقيل : من جهة مواعظه وهداه ونوره، وقيل : من جهة بيان اللسان العربي وجودته إذ فيه ستة أحرف لم تجتمع في لسان - روي هذا القول عن معاذ بن جبل - ويحتمل أن يكون مبيناً لنبوة محمد بإعجازه.
والصواب أنه " مبين " بجميع هذه الوجوه. والضمير في قوله :﴿ أنزلناه ﴾ ل ﴿ الكتاب ﴾، والإنزال : إما بمعنى الإثبات، وإما أن تتصف به التلاوة والعبارة ؛ وقال الزجاج : الضمير في ﴿ أنزلناه ﴾ يراد به خبر يوسف.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وقوله :﴿ لعلكم ﴾ يحتمل أن تتعلق ب ﴿ أنزلناه ﴾ أي أنزلناه لعلكم، ويحتمل أن تتعلق بقوله :﴿ عربياً ﴾ أي جعلناه ﴿ عربياً لعلكم تعقلون ﴾، إذ هو لسانكم. و﴿ قرآناً ﴾ حال، و﴿ عربياً ﴾ صفة له، وقيل : إن ﴿ قرآناً ﴾ بدل من الضمير - وهذا فيه نظر - وقيل :﴿ قرآناً ﴾ توطئة للحال و﴿ عربياً ﴾ حال، وهذا كما تقول : مررت بزيد رجلاً صالحاً، وقوله :﴿ نحن نقص عليك ﴾ الآية، روى ابن مسعود أن أصحاب رسول الله ﷺ ملوا ملة فقالوا : لو قصصت علينا يا رسول الله، فنزلت هذه الآية، ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : لو حدثتنا يا رسول الله، فنزلت ﴿ الله نزل أحسن الحديث كتاباً ﴾ [ الزمر : ٢٣ ].