وقال غيره : لو لم يكن فيها إلا مسلم واحد قضي للِقيط بالإسلام تغليباً لحكم الإسلام الذي يعلو ولا يُعلَى عليه، وهو مقتضى قول أشهب ؛ قال أشهب : هو مسلم أبداً، لأني أجعله مسلماً على كل حال، كما أجعله حراً على كل حال.
واختلف الفقهاء في المنبوذ تدلّ البيّنة على أنه عبد ؛ فقالت طائفة من أهل المدينة : لا يقبل قولها في ذلك، وإلى هذا ذهب أشهب لقول عمر : هو حرّ ؛ ومن قضى بحريته لم تقبل البيّنة في أنه عبد.
وقال ابن القاسم : تقبل البيّنة في ذلك ؛ وهو قول الشافعي والكوفي.
السادسة : قال مالك في اللقيط : إذا أنفق عليه الملتقط ثم أقام رجل البيّنة أنه ابنه فإن الملتقط يرجع على الأب إن كان طرحه متعمِّداً، وإن لم يكن طرحه ولكنه ضلّ منه فلا شيء على الأب، والملتقِط متطوِّع بالنفقة.
وقال أبو حنيفة : إذا أنفق على اللّقيط فهو متطوِّع، إلا أن يأمره الحاكم.
وقال الأوزاعي : كلُّ من أنفق على من لا تجب عليه نفقة رجع بما أنفق.
وقال الشافعي : إن لم يكن للقيط مال وجبت نفقته في بيت المال، فإن لم يكن ففيه قولان : أحدهما يستقرض له في ذمته.
والثاني يقسِّط على المسلمين من غير عوض.
السابعة : وأما اللّقطة والضَّوَالّ فقد اختلف العلماء في حكمهما ؛ فقالت طائفة من أهل العلم : اللقطة والضوالّ سواء في المعنى، والحكم فيهما سواء ؛ وإلى هذا ذهب أبو جعفر الطحاوي، وأنكر قول أبي عُبيد القاسم بن سلاّم أن الضالّة لا تكون إلا في الحيوان واللّقطة في غير الحيوان وقال هذا غلط ؛ واحتج بقوله ﷺ في حديث الإفك للمسلمين :"إن أمّكم ضلّت قِلادتها" فأطلق ذلك على القِلادة.