الثامنة : أجمع العلماء على أن اللّقطة ما لم تكن تافهاً يسيراً أو شيئاً لا بقاء لها فإنها تُعرَّف حولاً كاملاً، وأجمعوا أن صاحبها إن جاء فهو أحقّ بها من ملتقطها إذا ثبت له أنه صاحبها، وأجمعوا أن ملتقطها إن أكلها بعد الحول وأراد صاحبها أن يضمّنه فإن ذلك له، وإن تصدّق بها فصاحبها مخيّر بين التضمين وبين أن ينزل على أجرها، فأي ذلك تخيّر كان ذلك له بإجماع ؛ ولا تنطلق يد ملتقطها عليها بصدقة، ولا تصرف قبل الحول.
وأجمعوا أن ضالّة الغنم المخوف عليها له أكلها.
التاسعة : واختلف الفقهاء في الأفضل من تركها أو أخذها ؛ فمن ذلك أن في الحديث دليلاً على إباحة التقاط اللّقطة وأخذ الضالّة ما لم تكن إبلاً.
وقال في الشاة :"لكَ أو لأخيكَ أو للذئب" يحضّه على أخذها، ولم يقل في شيء دعوه حتى يضيع أو يأتيه ربه.
ولو كان ترك اللّقطة أفضل لأمر به رسول الله ﷺ كما قال في ضالّة الإبل، والله أعلم.
وجملة مذهب أصحاب مالك أنه في سعة، إن شاء أخذها وإن شاء تركها ؛ هذا قول إسماعيل بن إسحاق رحمه الله.
وقال المَزَنيّ عن الشافعي : لا أحب لأحد ترك اللّقطة إن وجدها إذا كان أميناً عليها ؛ قال : وسواء قليل اللّقطة وكثيرها.
العاشرة : روى الأئمة مالك وغيره عن زيد بن خالد الجهَنيّ قال :" جاء رجل إلى النبي ﷺ فسأله عن اللّقطة فقال :"اعرف عِفَاصَها ووِكَاءَها ثم عَرِّفها سنةً فإن جاء صاحبُها وإلا فشأنُك بها قال : فضالَّة الغنم يا رسول الله؟ قال :"لكَ أو لأخيكَ أو للذئب" قال : فضالة الإبل؟ قال :"ما لَكَ ولها معها سِقاؤُها وحِذاؤها تَرِدُ الماءَ وتأكل الشجر حتى يلقاها ربُّها " وفي حديث أُبيّ قال :" احفظ عَدَدها ووِعاءَها ووِكاءَها فإن جاء صاحبُها وإلا فاستمتِع بها " ففي هذا الحديث زيادة العدد ؛ خرجه مسلم وغيره.


الصفحة التالية
Icon