وأجمع العلماء أن عِفاص اللّقطة ووكاءها من إحدى علاماتها وأدلّها عليها ؛ فإذا أتى صاحب الّلقطة بجميع أوصافها دُفعت له ؛ قال ابن القاسم : يُجبَر على دفعها ؛ فإن جاء مستحقٌّ يستحقها ببيّنة أنها كانت له لم يضمن الملتقط شيئاً، وهل يُحَلَّف مع الأوصاف أو لا؟ قولان : الأوّل لأشهب، والثاني لابن القاسم، ولا تلزمه بيّنة عند مالك وأصحابه وأحمد بن حَنْبل وغيرهم.
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا تدفع له إلا إذا أقام بينة أنها له ؛ وهو بخلاف نَصّ الحديث ؛ ولو كانت البيّنة شرطاً في الدفعِ لما كان لذكر العِفاص والوِكاء والعَدَد معنى ؛ فإنه يستحقها بالبيّنة على كل حال ؛ ولَمَا جاز سكوت النبي ﷺ عن ذلك، فإنه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
والله أعلم.
الحادية عشرة : نَصّ الحديث على الإبل والغنم وبين حكمهما، وسكت عما عداهما من الحيوان.
وقد اختلف علماؤنا في البقر هل تلحق بالإبل أو بالغنم؟ قولان ؛ وكذلك اختلف أئمتنا في التقاط الخيل والبغال والحمير، وظاهر قول ابن القاسم أنها تلتقط، وقال أشهب وابن كنانة : لا تلتقط ؛ وقول ابن القاسم أصح ؛ لقوله عليه السلام :" احفظ على أخيك المؤمن ضالّته ".
الثانية عشرة : واختلف العلماء في النفقة على الضَّوالّ ؛ فقال مالك فيما ذكر عنه ابن القاسم : إن أنفق الملتقط على الدوابّ والإبل وغيرها فله أن يرجع على صاحبها بالنفقة، وسواء أنفق عليها بأمر السلطان أو بغير أمره ؛ قال : وله أن يحبس بالنفقة ما أنفق عليه ويكون أحقّ به كالرهن.
وقال الشافعي : إذا أنفق على الضوالّ مَن أَخَذها فهو متطوع ؛ حكاه عنه الرّبيع.
وقال المُزني عنه : إذا أمره الحاكم بالنفقة كانت دَيْنا، وما ادّعى قُبِل منه إذا كان مثله قَصْداً.


الصفحة التالية
Icon