وذكر أن حكمة وقوع تلك الألفاظ فيه أنه حوى علوم الأولين والآخرين ونبأ كل شيء فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات لتتم إحاطته بكل شيء فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالاً للعرب وأيضاً لما كان النبي ﷺ ملاسلاً إلى كل أمة ناسب أن يكون في كتابه المبعوث به من لسان كل قوم شيء، وقد أشار إلى الوجه الأول ابن النقيب.
وقال أبو عبد الله القاسم بن سلام بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء : والمنع عن أهل العربية الصواب تصديق القولين جميعاً وذلك أن هذه الأحرف أصولها عجمية كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية ثم نزل القرآن، وقد اختلطت هذه الأحرف بكلام العرب فمن قال : إنها عربية فهو صادق، ومن قال : إنها غجمية فهو صادق، ومال إلى هذا القول الجواليقي.
وابن الجزري.
وآخرون، وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام ما يتعلق بهذا المبحث أيضاً فليتفطن وليتأمّل.
واحتج الجبائي بالآية على كون القرآن مخلوقاً من أربعة أوجه : الأول وصفه بالإنزال، والقديم لا يجوز عليه ذلك، الثاني وصفه بكونه عربياً، والقديم لا يكون عربياً ولا فارسياً، الثالث أن قوله تعالى :﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْانًا عَرَبِيّا ﴾ يدل على أنه سبحانه قادر على أنزاله غير عربي وهو ظاهر الدلالة على حدوثه.
الرابع أن قوله عز سأنه :﴿ تِلْكَ ءايات الكتاب ﴾ [ يوسف : ١ ] يدل على تركبه من الآيات والكلمات وكل ما كان مركباً كان محدثاً ضرورة أن الجزء الثاني غير موجود حال وجود الجزء الأول.


الصفحة التالية
Icon