فما بالنا بكتاب الله تعالى، وهو الكتاب الجامع في تصميم مثل تلك المفاتيح.
فما بالنا بكتاب الله تعالى وهو الكتاب الجامع الذي يقول فيه الحق تبارك وتعالى :﴿ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتغاء الفتنة وابتغاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله والراسخون فِي العلم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب ﴾ [ آل عمران : ٧ ].
إذن : فهذا المتشابه يعتبره أهل الزيغ فرصة لتحقيق مَأْربهم، وهو إبطال الدين بأيِّ وسيلة وبأي طريقة، ويحاولون ممارسة التكبر على كتاب الله.
ولهؤلاء نقول : لقد أراد الله أن يكون بعضٌ من سور الكتاب الكريم مُبْتدئةً بحروف تنطق بأسمائها لا بمُسمَّياتها.
وقد أرادها الحق سبحانه كذلك ليختبر العقول ؛ فكما أطلق سبحانه للعقل البشري التفكير في أمور كثيرة ؛ فهناك بعض من الأمور يخيب فيها التفكير، فلا يستطيع العقل إدراك الأشياء التي تفوق حدود عقله.
والحق سبحانه وتعالى يصنع للإنسان ابتلاءات في وسائل إدراكه ؛ وجعل لكل وسيلة إدراك حدوداً، وشاء أن يأتي بالمتشابه ليختبر الإنسان، ويرى : ماذا يفعل المؤمن؟
وقوله الحق سبحانه :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله والراسخون فِي العلم.. ﴾ [ آل عمران : ٧ ].
قد يُفْهم منه أنه عطف ؛ بمعنى أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله ؛ وبالتالي سيُعلِّمون الناس ما ينتهون إليه من علم بالتأويل. ولكن تأويل الراسخين في العلم هو قولهم :﴿ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا... ﴾ [ آل عمران : ٧ ].
إذن : فنهاية تأويلهم : هو من عند ربنا، وقد آمنا به.
وجاء لنا قوله ﷺ لِيَحُل لنا إشكال المُتَشابَه :
" ما تشابه منه فآمنوا به ".


الصفحة التالية
Icon