وهؤلاء المستشرقون لم يلتفتوا إلى أن العربي استقبل ألفاظاً مختلفة من أمم متعددة نتيجة اختلاطه بتلك الأمم، ثم دارتْ هذه الألفاظ على لسانه، وصارت تلك الألفاظ عربية، ونحن في عصورنا الحديثة نقوم بتعريب الألفاظ، وندخل في لغتنا أيَّ لفظ نستعمله ويدور على ألسنتنا، ما دُمْنا نفهم المقصود به.
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله :
﴿ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [ يوسف : ٢ ].
ليستنهض همة العقل، ليفكر في الأمر، والمُنْصف بالحق يُهِمه أن يستقبل الناس ما يعرضه عليهم بالعقل، عكس المدلس الذي يهمه أن يستر العقل جانباً ؛ لينفُذَ من وراء العقل.
وفي حياتنا اليومية حين ينبهك التاجر لسلعة ما، ويستعرض معك مَتَانتها ومحاسنها ؛ فهو يفعل ذلك كدليل على أنه واثق من جودة بضاعته.
أما لو كانت الصَّنْعة غير جيدة، فهو لن يدعوك للتفكير بعقلك ؛ لأنك حين تتدبر بعقلكَ الأمر تكتشف المُدلس وغير المُدلس ؛ لذلك فهو يدلس عليك، ويُعمِّي عليك، ولا يدع لك فرصة للتفكير.
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ... ﴾.
حين يتحدث الحق سبحانه عن فعل من أفعاله ؛ ويأتي بضمير الجمع ؛ فسبب ذلك أن كل فعل من أفعاله يتطلب وجودَ صفات متعددة ؛ يتطلب : علماً ؛ حكمة ؛ قدرة ؛ إمكانات.
ومَنْ غيره سبحانه له كل الصفات التي تفعل ما تشاء وقْتَ أن تشاء؟
لا أحد سواه قادر على ذلك ؛ لأنه سبحانه وحده صاحب الصفات التي تقوم بكل مطلوب في الحياة ومُقدَّر.
لكن حين يتكلم سبحانه عن الذات ؛ فهو يؤكد التوحيد فلا تأتي بصيغة الجمع، يقول تعالى :﴿ إنني أَنَا الله لا إله إلا أَنَاْ فاعبدني وَأَقِمِ الصلاة لذكري ﴾ [ طه : ١٤ ].
وهنا يتكلم سبحانه بأسلوب يعبر عن أفعال لا يَقْدر عليها غيره ؛ بالدقة التي شاءها هو سبحانه فيقول :
﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص... ﴾ [ يوسف : ٣ ].


الصفحة التالية
Icon