" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) ﴾
قوله تعالى :﴿ قُرْآناً ﴾ : يجوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها : أن يكونَ بدلاً من ضمير " أَنْزَلْناه "، أو حالاً مُوَطِّئةً منه، والضميرُ في " أَنْزَلْناه " على هذين القولين يعودُ على " الكتاب ". وقيل :" قُرْآناً " مفعولاٌ به والضميرُ في " أَنْزلْناه " ضميرُ المصدر.
و" عربيَّاً " نعتٌ للقرآن. وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ حالاً مِنَ الضمير في " قُرْآناً " إذا تحمَّل ضميراً، يعني إذا جَعَلْناه حالاً مُؤَوَّلاً بمشتق، أي : أَنْزَلْناه مُجْتَمِعاً في حال كونِ عربيَّاً. والعربيُّ منسوب للعرب لأنه نَزلَ بلغتِهم. وواحدُ العَرَبِ عربيٌ، كما أن واحدَ الرومِ روميٌّ. وعَرَبةُ بفتح الراء ناحيةُ دارِ إسماعيلَ النبيِّ عيله السلام. قال الشاعر :

٢٣٧٧ وعَرْبَةُ أرضٌ ما يُحِلُّ حرامَها مِنَ الناسِ إلا اللَّوْذَعِيُّ الحُلاحِلُ
سكَّن راءَها ضرورةً، فيجوز أن يكونَ العربيُّ منسوباً إلى هذه البقعة.
قوله تعالى :﴿ أَحْسَنَ القصص ﴾ : في انتصاب " أحسنَ " وجهان، [ أحدهما ] : أن يكونَ/ منصوباً على المفعول به، ولكنْ إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً واقعاً موقعَ المفعولِ كالخَلْق بمعنى المَخْلوق، أو جعَلْتَه فَعَلاً بمعنى مفعول كالقَبَضِ والنَّقَص بمعنى المَنْقُوص والمقبوض، أي : نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الأشياءِ المقتصَّة. والثاني : أن يكونَ منصوباً على المصدرِ المُبَيِّنِ، إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً غيرَ مرادٍ به المفعولُ، ويكون المقصوصُ على هذا محذوفاً، أي : نَقُصُّ عليك أحسنَ الاقتصاص. و " أَحْسَنَ " يجوز أن تكونَ أفْعَل تفضيلٍ على بابها، وأن تكونَ لمجرَّدِ الوصفِ بالحُسْن، وتكون من بابِ إضافة الصفةِ لموصوفِها، أي : القصص الحسن.


الصفحة التالية
Icon