وقرأ مجاهد وقتادة :" يرتع ويلعب " بالتحتية فيهما، ورفع يلعب على الاستئناف، والضمير ليوسف.
وقال القتيبي : معنى ﴿ نرتع ﴾ نتحارس ونتحافظ، ويرعى بعضنا بعضاً، من قولهم : رعاك الله أي : حفظك، و ﴿ نلعب ﴾ من اللعب.
قيل لأبي عمرو بن العلاء : كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء؟ فقال : لم يكونوا يومئذٍ أنبياء، وقيل : المراد به اللعب المباح من الأنبياء، وهو مجرّد الانبساط، وقيل هو اللعب الذي يتعلمون به الحرب، ويتقوّون به عليه كما في قولهم :﴿ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾ لا اللعب المحظور الذي هو ضدّ الحق، ولذلك لم ينكر يعقوب عليهم لما قالوا : ونلعب، ومنه قوله ﷺ لجابر :"فهلاَّ بكراً تلاعبها وتلاعبك" فأجابهم يعقوب بقوله :﴿ إِنّى لَيَحْزُنُنِى أَن تَذْهَبُواْ بِهِ ﴾ أي : ذهابكم به، واللام في ﴿ لَيَحْزُنُنِى ﴾ لام الابتداء للتأكيد، ولتخصيص المضارع بالحال، أخبرهم أنه يحزن لغيبة يوسف عنه لفرط محبته له وخوفه عليه، ﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذئب ﴾ أي : ومع ذلك أخاف أن يأكله الذئب.
قال يعقوب : هذا تخوّفاً عليه منهم، فكنى عن ذلك بالذئب.
وقيل : إنه خاف أن يأكله الذئب حقيقة ؛ لأن ذلك المكان كان كثير الذئاب، ولو خاف منهم عليه أن يقتلوه لأرسل معهم من يحفظه.
قال ثعلب : والذئب مأخوذ من تذأبت الريح إذا هاجت من كل وجه، قال : والذئب مهموز ؛ لأنه يجيء من كل وجه.
وقد قرأ ابن كثير ونافع في رواية عنه بالهمز على الأصل، وكذلك أبو عمرو في رواية عنه وابن عامر، وعاصم، وحمزة.
وقرأ الباقون بالتخفيف.
﴿ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافلون ﴾ لاشتغالكم بالرتع واللعب، أو لكونهم غير مهتمين بحفظه.
﴿ قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذئب وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ اللام هي الموطئة للقسم.


الصفحة التالية
Icon