والثاني : أن المراد إنا أوحينا إلى يوسف عليه السلام في البئر بأنك تنبىء إخوتك بهذه الأعمال، وهم ما كانوا يشعرون بنزول الوحي عليه، والفائدة في إخفاء نزول ذلك الوحي عنهم أنهم لو عرفوه فربما ازداد حسدهم فكانوا يقصدون قتله.
المسألة الثالثة :
إذا حملنا قوله :﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ على التفسير الأول، كان هذا أمراً من الله تعالى نحو يوسف في أن يستر نفسه عن أبيه وأن لا يخبره بأحوال نفسه، فلهذا السبب كتم أخبار نفسه عن أبيه طول تلك المدة، مع علمه بوجد أبيه به خوفاً من مخالفة أمر الله تعالى، وصبر على تجرع تلك المرارة، فكان الله سبحانه وتعالى قد قضى على يعقوب عليه السلام أن يوصل إليه تلك الغموم الشديدة والهموم العظيمة ليكثر رجوعه إلى الله تعالى، وينقطع تعلق فكره عن الدنيا فيصل إلى درجة عالية في العبودية لا يمكن الوصول إليها إلا بتحمل المحن الشديدة. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٨ صـ ٧٧ ـ ٨٠﴾