وكذا من أظهر الأمانة قولاً وفعلاً يفعل الخيانة. وأن الإذلال والإعزاز بيد الله، لا الخلق. وأن من طلب مراده بمعصية الله بعد عنه، وأن الخوف من الخلق يورث البلاء، وأن الإنسان وإن كان نبياً، يخلق أولاً على طبع البشرية. وأن إتباع الشهوات يورث الحزن الطويل. وأن القدر كائن، وأن الحذر لا يغني من القدر.
قيل للهدهد : كيف ترى الماء تحت الأرض ولا ترى الشبكة فوقها ؟ قال : إذا جاء القضاء عمي البصر.
و( التسويل ) تزيين النفس للمرء ما يحرص عليه، وتصوير القبيح بصورة الحسن ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ ( صبر ) خبر أو مبتدأ، لكونه موصوفاً، أي : فشأني صبر جميل. أو فصبر جميل أجمل، والصبر قوة للنفس على احتمال الآلام كالمصائب إذا عرضت، والجميل منه هو ما لا شكوى فيه إلى الخلق ولا جزع، رضا بقضاء الله، ووقوفاً مع مقتضى العبودية.
﴿ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ أي : المطلوب منه العون على احتمال ما تصفون من هلاك يوسف - كذا قدروه - وحقق أبو السعود ؛ أن المعنى على إظهار حال ما تصفون وبيان كونه كذباً، وإظهار سلامته، فإنه علم في الكذب، قال سبحانه :﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [ الصافات : ١٨٠ ]، وهو الأليق بما سيجيء من قوله تعالى :﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً ﴾ [ يوسف : من الآية ١٨ و ٨٣ ]، وتفسير المستعان عليه باحتمال ما يصفون من هلاك يوسف، والصبر على الرزء فيه ؛ يأباه تكذبيه عليه السلام لهم في ذلك، ولا تساعده الصيغة، فإنها قد غلبت في وصف الشيء بما ليس فيه، كما أشير إليه. انتهى.
وفي قوله :﴿ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ ﴾ اعتراف بأن تلبسه بالصبر لا يكون إلا بمعونته تعالى.


الصفحة التالية
Icon