واعلم أن سبب البشارة هو أنهم وجدوا غلاماً في غاية الحسن وقالوا : نبيعه بثمن عظيم ويصير ذلك سبباً لحصول الغنى.
والقول الثاني : وهو الذي ذكره السدي أن الذي نادى صاحبه وكان اسمه، فقال يا بشرى كما تقول يا زيد.
وعن الأعمش أنه قال : دعا امرأة اسمها بشرى ﴿الرياح بُشْرىً﴾ قال أبو علي الفارسي : إن جعلنا البشرى اسماً للبشارة، وهو الوجه جاز أن يكون في محل الرفع كما قيل : يا رجل لاختصاصه بالنداء، وجاز أن يكون في موضع النصب على تقدير : أنه جعل ذلك النداء شائعاً في جنس البشرى، ولم يخص كما تقول : يا رجلاً ﴿ياحسرة عَلَى العباد﴾ [ يس : ٣٠ ].
وأما قوله تعالى :﴿وَأَسَرُّوهُ بضاعة﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
الضمير في ﴿وَأَسَرُّوهُ﴾ إلى من يعود ؟ فيه قولان : الأول : أنه عائد إلى الوارد وأصحابه أخفوا من الرفقة أنهم وجدوه في الجب، وذلك لأنهم قالوا : إن قلنا للسيارة التقطناه شاركونا فيه، وإن قلنا اشتريناه : سألونا الشركة، فالأصوب أن نقول : إن أهل الماء جعلوه بضاعة عندنا على أن نبيعه لهم بمصر.
والثاني : نقل عن ابن عباس أنه قال :﴿وَأَسَرُّوهُ﴾ يعني : إخوة يوسف أسروا شأنه، والمعنى : أنهم أخفوا كونه أخاً لهم، بل قالوا : إنه عبد لنا أبق منا وتابعهم على ذلك يوسف لأنهم توعدوه بالقتل بلسان العبرانية، والأول أولى لأن قوله :﴿وَأَسَرُّوهُ بضاعة﴾ يدل على أن المراد أسروه حال ما حكموا بأنه بضاعة، وذلك إنما يليق بالوارد لا بإخوة يوسف.
المسألة الثانية :
البضاعة القطعة من المال تجعل للتجارة من بضعت اللحم إذا قطعته.
قال الزجاج : وبضاعة منصوبة على الحال كأنه قال : وأسروه حال ما جعلوه بضاعة.