ليس المعنى أن يعقوب عليه السلام لا يصدق من يعلم أنه صادق، بل المعنى لو كنا عندك من أهل الثقة والصدق لاتهمتنا في يوسف لشدة محبتك إياه ولظننت أنا قد كذبنا والحاصل أنا وإن كنا صادقين لكنك لا تصدقنا لأنك تتهمنا.
وقيل : المعنى : إنا وإن كنا صادقين فإنك لا تصدقنا لأنه لم تظهر عندك أمارة تدل على صدقنا.
المسألة الثانية :
احتج أصحابنا بهذه الآية على أن الإيمان في أصل اللغة عبارة عن التصديق، لأن المراد من قوله :﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا﴾ أي بمصدق، وإذا ثبت أن الأمر كذلك في أصل اللغة وجب أن يبقى في عرف الشرع كذلك، وقد سبق الاستقصاء فيه في أول سورة البقرة في تفسير قوله :﴿الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب﴾ [ البقرة : ٣ ].
ثم قال تعالى :﴿وَجَاءوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
إنما جاؤا بهذا القميص الملطخ بالدم ليوهم كونهم صادقين في مقالتهم.
قيل : ذبحوا جدياً ولطخوا ذلك القميص بدمه.
قال القاضي : ولعل غرضهم في نزع قميصه عند إلقائه في غيابة الجب أن يفعلوا هذا توكيداً لصدقهم، لأنه يبعد أن يفعلوا ذلك طمعاً في نفس القميص ولا بد في المعصية من أن يقرن بهذا الخذلان، فلو خرقوه مع لطخه بالدم لكان الإيهام أقوى، فلما شاهد يعقوب القميص صحيحاً علم كذبهم.
المسألة الثانية :
قوله :﴿وَجَاءوا على قَمِيصِهِ﴾ أي وجاؤا فوق قميصه بدم كما يقال : جاؤا على جمالهم بأحمال.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon