والثاني : أنه كان عالماً بأنه حي لأنه عليه الصلاة والسلام قال ليوسف :﴿وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ [ يوسف : ٦ ] وذلك دليل قاطع على أنهم كاذبون في ذلك.
القول الثالث : قال سعيد بن جبير : لما جاؤا على قميصه بدم كذب، وما كان متخرقاً، قال كذبتم لو أكله الذئب لخرق قميصه، وعن السدي أنه قال : إن يعقوب عليه السلام قال : إن هذا الذئب كان رحيماً، فكيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه ؟ وقيل : إنه عليه السلام لما قال ذلك قال بعضهم : بل قتله اللصوص، فقال كيف قتلوه وتركوا قميصه وهم إلى قميصه أحوج منه إلى قتله ؟ فلما اختلفت أقوالهم عرف بسبب ذلك كذبهم.
ثم قال يعقوب عليه السلام :﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
منهم من قال : إنه مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف، والتقدير : فصبر جميل أولى من الجزع، ومنهم من أضمر المبتدأ قال الخليل : الذي أفعله صبر جميل.
وقال قطرب : معناه : فصبري صبر جميل.
وقال الفراء : فهو صبر جميل.
المسألة الثانية :
كان يعقوب عليه السلام قد سقط حاجباه وكان يرفعهما بخرقة، فقيل له : ما هذا ؟ فقال طول الزمان وكثرة الأحزان : فأوحى الله تعالى إليه يا يعقوب أتشكوني ؟ فقال يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي.
وروي عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها قالت : والله لئن حلفت لا تصدقوني وإن اعتذرت لا تعذروني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وولده ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ والله المستعان على مَا تَصِفُونَ﴾ فأنزل الله عز وجل في عذرها ما أنزل.
المسألة الثالثة :