واعلم أنه لما ظهر للقوم براءة يوسف عليه السلام عن ذلك الفعل المنكر حكى تعالى عنه أنه قال :﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا﴾ فقيل : إن هذا من قول العزيز، وقيل : إنه من قول الشاهد، ومعناه : أعرض عن ذكر هذه الواقعة حتى لا ينتشر خبرها ولا يحصل العار العظيم بسببها، وكما أمر يوسف بكتمان هذه الواقعة أمر المرأة بالاستغفار فقال :﴿واستغفرى لِذَنبِكِ﴾ وظاهر ذلك طلب المغفرة، ويحتمل أن يكون المراد من الزوج ويكون معنى المغفرة العفو والصفح، وعلى هذا التقدير فالأقرب أن قائل هذا القول هو الشاهد، ويحتمل أن يكون المراد بالاستغفار من الله، لأن أولئك الأقوام كانوا يثبتون الصانع، إلا أنهم مع ذلك كانوا يعبدون الأوثان بدليل أن يوسف عليه السلام قال :﴿مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار﴾ [ يوسف : ٣٩ ] وعلى هذا التقدير : فيجوز أن يكون القائل هو الزوج.
وقوله :﴿إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخاطئين﴾ نسبة لها إلى أنها كانت كثيرة الخطأ فيما تقدم، وهذا أحد ما يدل على أن الزوج عرف في أول الأمر أن الذنب للمرأة لا ليوسف، لأنه كان يعرف عنها إقدامها على ما لا ينبغي.
وقال أبو بكر الأصم : إن ذلك لزوج كان قليل الغيرة فاكتفى منها بالاستغفار.
قال صاحب "الكشاف" : وإنما قال من الخاطئين بلفظ التذكير، تغليباً للذكور على الإناث، ويحتمل أن يقال : المراد إنك من نسل الخاطئين، فمن ذلك النسل سرى هذا العرق الخبيث فيك. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٨ صـ ٩٨ ـ ١٠٠﴾