ولما كان صدقها ليس قاطعاً في منع صدقه، قال :﴿وهو من الكاذبين﴾ لأنه لولا إقباله - وهي تدفعه عنها أو تهرب منه وهو يتبعها ويعثر في قميصه - ما كان القد من القبل ﴿وإن كان﴾ أي فيما يظهر لكم ﴿قميصه﴾ أي يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿قدَّ من دبر﴾ أي من جهة ما أدبر منه، وبنى " قُدَّ " للمجهول للنزاع في القادّ ﴿فكذبت﴾ ولما كان كذلك كذبُها في إرادته السوء لا يعين صدقه في إرادتها له، قال :﴿وهو من الصادقين﴾ لأنه لولا إدباره عنها وإقبالها عليه لما وقع ذلك، فعرف سيدها صحة ذلك بلا شبهة، لأن معنى " إن " هنا الشرط في جهة التقرير للمعنى الذي يوجب غيره لا على الشك، وقدم أمارة صدقها لأنه مما يحبه سيدها، فهو في الظاهر اهتمام بها، وفي الحقيقة تقرير لكذبها مرتين : الأولى باللزوم، والثانية بالمطابقة.