والقول الثاني : قال مجاهد كانا قد رأيا حين دخلا السجن رؤيا فأتيا يوسف عليه السلام فسألاه عنها، فقال الساقي أيها العالم إني رأيت كأني في بستان فإذا بأصل عنبة حسنة فيها ثلاثة أغصان عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وكأن كأس الملك بيدي فعصرتها فيه وسقيتها الملك فشربه فذلك قوله :﴿إِنّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ وقال صاحب الطعام إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها خبز وألوان وأطعمه وإذا سباع الطير تنهش منه فذلك قوله تعالى :﴿وَقَالَ الآخر إِنّى أَرَانِى أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ الطير مِنْهُ ﴾.
السؤال الخامس : كيف عرف يوسف عليه السلام أن المراد من قوله :﴿إِنّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ رؤيا المنام ؟
الجواب : لوجوه : الأول : أنه لو لم يقصد النوم كان ذكر قوله :﴿أَعْصِرُ﴾ يغنيه عن ذكر قوله ﴿أَرَانِى﴾ والثاني : دل عليه قوله :﴿نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [ يوسف : ٣٦ ].
السؤال السادس : كيف يعقل عصر الخمر ؟
الجواب : فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن يكون المعنى أعصر عنب خمر، أي العنب الذي يكون عصيره خمراً فحذف المضاف.
الثاني : أن العرب تسمي الشيء باسم ما يؤل إليه إذا انكشف المعنى ولم يلتبس يقولون فلان يطبخ دبساً وهو يطبخ عصيراً.
والثالث : قال أبو صالح : أهل عمان يسمون العنب بالخمر فوقعت هذه اللفظة إلى أهل مكة فنطقوا بها قال الضحاك : نزل القرآن بألسنة جميع العرب.
السؤال السابع : ما معنى التأويل في قوله :﴿نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾.
الجواب : تأويل الشيء ما يرجع إليه وهو الذي يؤل إليه آخر ذلك الأمر.
السؤال الثامن : ما المراد من قوله :﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين ﴾.
الجواب من وجوه : الأول : معناه إنا نراك تؤثر الإحسان وتأتي بمكارم الأخلاق وجميع الأفعال الحميدة.