قيل : إنه كان يعود مرضاهم، ويؤنس حزينهم فقالوا إنك من المحسنين أي في حق الشركاء والأصحاب، وقيل : إنه كان شديد المواظبة على الطاعات من الصوم والصلاة فقالوا إنك من المحسنين في أمر الدين، ومن كان كذلك فإنه يوثق بما يقوله في تعبير الرؤيا، وفي سائر الأمور، وقيل : المراد ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين﴾ في علم التعبير، وذلك لأنه متى عبر لم يخط كما قال ﴿وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الاحاديث﴾ [ يوسف : ١٠١ ].
السؤال التاسع : ما حقيقة علم التعبير ؟
الجواب : القرآن والبرهان يدلان على صحته.
أما القرآن فهو هذه الآية، وأما البرهان فهو أنه قد ثبت أنه سبحانه خلق جوهر النفس الناطقة بحيث يمكنها الصعود إلى عالم الأفلاك، ومطالعة اللوح المحفوظ والمانع لها من ذلك اشتغالها بتدبير البدن وفي وقت النوم يقل هذا التشاغل فتقوى على هذه المطالعة فإذا وقعت الروح على حالة من الأحوال تركت آثاراً مخصوصة مناسبة لذلك الإدراك الروحاني إلى عالم الخيال فالمعبر يستدل بتلك الآثار الخيالية على تلك الإدراكات العقلية فهذا كلام مجمل، وتفصيله مذكور في "الكتب العقلية"، والشريعة مؤكدة له روي عن النبي ﷺ أنه قال :" الرؤيا ثلاثة : رؤيا ما يحدث به الرجل نفسه، ورؤيا تحدث من الشيطان ورؤيا التي هي الرؤيا الصادقة حقة " وهذا تقسيم صحيح في العلوم العقلية وقال عليه السلام :" رؤيا الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٨ صـ ١٠٦ ـ ١٠٩﴾