وقوله :﴿وَهُمْ بالاخرة هُمْ كافرون﴾ إشارة إلى علم المعاد، ومن تأمل في القرآن المجيد وتفكر في كيفية دعوة الأنبياء عليهم السلام علم أن المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب صرف الخلق إلى الإقرار بالتوحيد وبالمبدأ والمعاد، وإن ما وراء ذلك عبث.
ثم قال تعالى :﴿واتبعت مِلَّةَ ءابَاءي إبراهيم وإسحاق وَيَعْقُوبَ﴾ وفيه سؤالات :
السؤال الأول : ما الفائدة في ذكر هذا الكلام.
الجواب : أنه عليه السلام لما ادعى النبوة وتحدى بالمعجزة وهو علم الغيب قرن به كونه من أهل بيت النبوة، وأن أباه وجده وجد أبيه كانوا أنبياء الله ورسله، فإن الإنسان متى ادعى حرفة أبيه وجده لم يستبعد ذلك منه، وأيضاً فكما أن درجة إبراهيم عليه السلام وإسحاق ويعقوب كان أمراً مشهوراً في الدنيا، فإذا ظهر أنه ولدهم عظموه ونظروا إليه بعين الإجلال، فكان انقيادهم له أتم وأثر قلوبهم بكلامه أكمل.
السؤال الثاني : لما كان نبياً فكيف قال : إني اتبعت ملة آبائي، والنبي لا بد وأن يكون مختصاً بشريعة نفسه.
قلنا : لعل مراده التوحيد الذي لم يتغير، وأيضاً لعله كان رسولاً من عند الله، إلا أنه كان على شريعة إبراهيم عليه السلام.
السؤال الثالث : لم قال :﴿مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بالله مِن شَىْء﴾ وحال كل المكلفين كذلك ؟
والجواب : ليس المراد بقوله :﴿مَا كَانَ لَنَا﴾ أنه حرم ذلك عليهم، بل المراد أنه تعالى ظهر آباءه عن الكفر، ونظيره قوله :﴿مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ﴾ [ مريم : ٣٥ ].
السؤال الرابع : ما الفائدة في قوله :﴿مِن شَىْء ﴾.


الصفحة التالية
Icon