و " الفتى " الشاب، وقد تقع اللفظة على المملوك وعلى الخادم الحر، ويحتمل أن يتصف هذان بجميع ذلك، واللفظة من ذوات الياء، وقولهم : الفتوة شاذ. وروي أن الملك اتهمهما بأن الخابز منهما أراد سمه، ووافقه على ذلك الساقي، فسجنهما، قاله السدي، فلما دخل يوسف السجن استمال الناس فيه بحسن حديثه وفضله ونبله، وكان يسلي حزينهم ويعود مريضهم ويسأل لفقيرهم ويندبهم إلى الخير، فأحبه الفتيان ولزماه، وأحبه صاحب السجن والقيم عليه، وقال له : كن في أي البيوت شئت فقال له يوسف : لا تحبني يرحمك الله، فلقد أدخلت علي المحبة مضرات : أحبتني عمتي فامتحنت لمحبتها، وأحبني أبي فامتحنت لمحبته لي، وأحبتني امرأة العزيز فامتحنت لمحبتها بما ترى، وكان يوسف عليه السلام قد قال لأهل السجن : إني أعبر الرؤيا وأجيد، فروي عن ابن مسعود أن الفتيين استعملا هاتين المنامتين ليجرباه ؛ وروى عم مجاهد أنهما رأيا ذلك حقيقة، فأرادا سؤاله، فقال أحدهما واسمه بنو، فيما روي، إني رأيت حبلة من كرم لها ثلاثة أغصان حسان، فيها عناقيد عنب حسان، فكنت أعصرها وأسقي الملك ؛ وقال الآخر، واسمه مجلث، كنت أرى أني أخرج من مطبخة الملك وعلى رأسي ثلاث سلال فيها خبز، والطير تأكل من أعلاه.
وقوله ﴿ أعصر خمراً ﴾ قيل : إنه سمى العنب خمراً بالمآل، وقيل : هي لغة أزد عمان، يسمون العنب خمراً، وقال الأصمعي : حدثني المعتمر، قال : لقيت أعرابياً يحمل عنباً في وعاء فقلت : ما تحمل؟ قال : خمراً، أراد العنب.
وفي قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود " إني أراني أعصر عنباً ".
قال القاضي أبو محمد : ويجوز أن يكون وصف الخمر بأنها معصورة، إذ العصر لها ومن أجلها وقوله ﴿ خبزاً ﴾ يروى أنه رأى ثريداً فوق رأسه، وفي مصحف ابن مسعود " فوق رأسي ثريداً تأكل الطير منه ".