ولما كان تصديقهم ليوسف عليه الصلاة والسلام وعلمهم بعد ذلك بفضله وعملهم بما أمرهم به مظنوناً، قال :﴿لعلهم يعلمون﴾ أي ليكونوا على رجاء من أن يعلموا فضلك أو ما يدل ذلك عليه من خير أو شر فيعلموا لكل حال ما يمكنهم عمله، فكأنه قيل : فما قال له؟ فقيل :﴿قال﴾ : تأويله أنكم ﴿تزرعون﴾ أي توجدون الزراعة.
فهو إخبار بمغيب، فهو أقعد في معنى الكلام، ويمكن أن يكون خبراً بمعنى الأمر ﴿سبع سنين دأباً﴾ أي دائبين مجتهدين - والدأب : استمرار الشيء على عادته - كما أشارت إليه رؤياك بعصر الخمر الذي لا يكون إلا بعد الكفاية، ودلت عليه رؤيا الملك للبقرات السمان والسنابل الخضر، والتعبير بذلك يدل على أن هذه السبع تكون - كما تعرفون - من أغلب أحوال الزمان في توسطه بخصب أرض وجدب أخرى، وعجز الماء عن بقعة وإغراقه لأخرى - كما أشار إليه الدأب : ثم أرشدهم إلى ما يتقوون به على ما يأتي من الشر، فقال :﴿فما حصدتم﴾ أي من شيء بسبب ذلك الزرع - والحصد : قطع الزرع بعد استوائه - في تلك السبع الخصبة ﴿فذروه﴾ أي اتركوه على كل حال ﴿في سنبله﴾ لئلا يفسد بالسوس أو غيره ﴿إلا قليلاً مما تأكلون﴾ قال أبو حيان : أشار برأي نافع بحسب طعام مصر وحنطتها التي لا تبقى عامين بوجه إلا بحيلة إبقائها في السنبل - انتهى.