الثاني : أن يوسف عليه السلام كان شاباً، وشهوة الشباب وحدّته أقوى.
الثالث : أنه كان عزباً لا زوجة له ولا سرية تكسر شدة الشهوة.
الرابع : أنه كان في غربة يتأنى للغريب فيها من قضاء الوطر ما لا يتأتى لغيره في وطنه، وبين أهله ومعارفه.
الخامس : أن المرأة كانت ذات منصب وجمال، بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى مواقعتها.
السادس : أنها غير آبية ولا ممتنعة، فإن كثيراً من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها ؛ لما يجد في نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها، وكثير من الناس يزيده الإباء والامتناع زيادة حب، كما قال الشاعر :
~وزادني كلفاً في الحب أن مُنعت أحب شيء إلى الإنسان ما مُنعا
فطباع الناس مختلفة في ذلك، فمنهم من يتضاعف حبه عند بذل المرأة ورغبتها، وتضمحل عند إبائها وامتناعها، ومنهم من يتضاعف حبه وإرادته بالمنع، ويشتد شوقه بكل ما منع، ويحصل له من اللذة بالظفر بالضد نظير ما يحصل من لذة الظفر بعد امتناعه ونفاره. واللذة بإدراك المسألة بعد استصعابها وشدة الحرص على إدراكها.
السابع : أنها طلبت وأرادت وبذلت الجهد، فكفته مؤنة الطلب، وذل الرغبة إليها، بل كانت هي الراغبة الذليلة، وهو العزيز المرغوب إليه.
الثامن : أنه في دارها، وتحت سلطانها وقهرها، بحيث يخشى، إن لم يطاوعها، من أذاها له، فاجتمع داعي الرغبة والرهبة.
التاسع : أنه لا يخشى أن تنمي عليه هي، ولا أحد من جهتها، فإنها هي الطالبة والراغبة، وقد غلقت الأبواب، وغيبت الرقباء.
العاشر : أنه كان مملوكاً لها في الدار، بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها، ولا ينكر عليه، وكان الأنس سابقاً على الطلب، وهو من أقوى الدواعي، كما قيل لامرأة من العرب : ما حملك على كذا ؟ قالت : قرب الوساد، وطول السواد. تعني : قرب وساد الرجل من وسادتي، وطول السواد بيننا.