اتِّبَاعًا لِلرِّوَايَاتِ الْخَادِعَةِ إِلَى أَنَّهُمَا حِكَايَةٌ عَنْ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ : ذَلِكَ الَّذِي كَانَ مِنِّي إِذِ امْتَنَعْتُ مِنْ إِجَابَةِ الْمَلِكِ وَاقْتَرَحْتُ عَلَيْهِ التَّحْقِيقَ فِي قَضِيَّةِ النِّسْوَةِ لِيَعْلَمَ الْعَزِيزُ مِنَ التَّحْقِيقِ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ فِي زَوْجِهِ بِالْغَيْبِ إِلَخْ، وَأَنَّهُ صَرَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنْ بَابِ التَّوَاضُعِ وَهَضْمِ النَّفْسِ ! وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَبَرَّأُ مِنْهُ السِّيَاقُ وَالنَّظْمُ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ. وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قَالَ الْعِمَادُ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى كَثْرَةِ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهِ مُرَجِّحًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ :
وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَشْهَرُ وَالْأَلْيَقُ وَالْأَنْسَبُ بِسِيَاقِ الْقِصَّةِ وَمَعَانِي الْكَلَامِ وَقَدْ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَانْتَدَبَ لِنَصْرِهِ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - فَأَفْرَدَهُ بِتَصْنِيفٍ عَلَى حِدَةٍ. انْتَهَى، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنْ أَعْلَمِ الْمُحَدِّثِينَ بِنَقْدِ الرِّوَايَاتِ فَهُوَ مَا نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ إِلَّا وَقَدْ فَنَّدَ رِوَايَاتِ الْقَوْلِ الْآخَرِ.