فقالا :﴿ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين ﴾ يعني : نراك عالماً، وقد أحسنت العلم ﴿ قَالَ ﴾ لهما يوسف عليه السلام ﴿ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ ﴾ يعني : تطعمانه ﴿ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾ يقول : أخبرتكما بتفسيره، وألوانه ﴿ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ﴾ الطعام.
وإنما أراد بذلك، أن يبيّن لهما علامة نبوته.
وهذا مثل قول عيسى عليه السلام لقومه :﴿ وَرَسُولاً إلى بنى إسراءيل أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أنى أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله وَأُبْرِىءُ الاكمه والابرص وَأُحْىِ الموتى بِإِذْنِ الله وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلك لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [ آل عمران : ٤٩ ] فلما أخبر يوسف بذلك، قالا وكيف تعلم ولست بساحر، ولا عرّاف، ولا كاهن؟ قال يوسف :﴿ ذلكما مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى ﴾ أراد أن يبيّن لهما علامة نبّوته لكي يسلما.
ثم قال :﴿ إِنّى تَرَكْتُ ﴾ يعني : تبرأت من ﴿ مِلَّةَ قَوْمٍ ﴾ يعني : دين قوم ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بالله ﴾ أي : لا يصدّقون بوحدانيته ﴿ وَهُمْ بالآخرة هُمْ كافرون ﴾ يعني : بالبعث جاحدون.
ثم :
قال تعالى :﴿ واتبعت مِلَّةَ ءابَاءي إبراهيم وإسحاق وَيَعْقُوبَ ﴾ يعني : دينهم ﴿ مَا كَانَ لَنَا ﴾ أي : ما جاز لنا ﴿ أَن نُّشْرِكَ بالله مِن شَىْء ﴾ من الآلهة ﴿ ذلك مِن فَضْلِ الله ﴾ يعني : ويقال ذلك الإرسال، الذي أرسل إليه بالنبوة من فضل الله ﴿ وَعَلَيْنَا وَعَلَى الناس ﴾ يعني : المؤمنين ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس ﴾ يعني : أهل مصر ﴿ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾ النعمة.