وقُرن مفعول ﴿ منكرون ﴾ الذي هو ضمير يوسف عليه السلام بلام التقوية ولم يقل وهم منكرونه لزيادة تقوية جهلهم بمعرفته.
وتقديم المَجرور بلام التقوية في ﴿ له منكرون ﴾ للرعاية على الفاصلة، وللاهتمام بتعلق نكرتهم إياه للتنبيه على أن ذلك من صنع الله تعالى وإلا فإن شمائل يوسف عليه السلام ليست مما شأنه أن يجهل وينسَى.
والجهاز بفتح الجيم وكسرها ما يحتاج إليه المسافر، وأوله ما سافر لأجله من الأحمال.
والتجهيز : إعطاء الجهاز.
وقوله :﴿ ايئتوني بأخ لكم ﴾ يقتضي وقوع حديث منهم عن أن لهم أخا من أبيهم لم يحضر معهم وإلا لكان إنبَاء يوسف عليه السلام لهم بهذا يشعرهم أنه يكلمهم عارفاً بهم وهو لا يريد أن يكشف ذلك لهم.
وفي التوراة أن يوسف عليه السلام احتال لذلك بأن أوهمهم أنه اتهمهم أن يكونوا جواسيس للعدو وأنهم تبرأوا من ذلك فعرفوه بمكانهم من قومهم وبأبيهم وعدد عائلتهم، فما ذكروا ذلك له أظهر أنه يأخذ أحدهم رهينة عنده إلى أن يرجعوا ويأتوا بأخيهم الأصغر ليصدّقوا قولهم فيما أخبروه، ولذلك قال :﴿ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ﴾.
و﴿ من أبيكم ﴾ حال من ( أخ لكم ) أي أُخُوّته من جهة أبيكم، وهذا من مفهوم الاقتصار الدال على عدم إرادة غيره، أي من أبيكم وليس من أمكم، أي ليس بشقيق.
والعدول عن أن يقال : ايئتوني بأخيكم من أبيكم، لأن المراد حكاية ما اشتمل عليه كلام يوسف عليه السلام من إظهار عدم معرفته بأخيهم إلا من ذِكرهم إياه عنده، فعدل عن الإضافة المقتضية المعرفة إلى التنكير تنابهاً في التظاهر بجهله به.
﴿ ولا تقربون ﴾ أي لا تعودوا إلى مصر، وقد علم أنهم لا يتركون أخاهم رهينة.


الصفحة التالية
Icon