السابع : مقصوده أن يعرفوا أنه لا يطلب ذلك الأخ لأجل الإيذاء والظلم ولا لطلب زيادة في الثمن.
الثامن : أراد أن يعرف أبوه أنه أكرمهم وطلبه له لمزيد الإكرام فلا يثقل على أبيه إرسال أخيه.
التاسع : أراد أن يكون ذلك المال معونة لهم على شدة الزمان، وكان يخاف اللصوص من قطع الطريق، فوضع تلك الدراهم في رحالهم حتى تبقى مخفية إلى أن يصلوا إلى أبيهم.
العاشر : أراد أن يقابل مبالغتهم في الإساءة بمبالغته في الإحسان إليهم.
ثم إنه تعالى حكى عنهم أنهم لما رجعوا إلى أبيهم قالوا :﴿قَالُواْ يأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكيل﴾ وفيه قولان : الأول : أنهم لما طلبوا الطعام لأبيهم وللأخ الباقي عنده منعوا منه، فقولهم :﴿منع منا الكيل﴾ إشارة إليه.
والثاني : أنه منع الكيل في المستقبل وهو إشارة إلى قول يوسف :﴿فَإِن لَّمْ تَأْتُونِى بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِى﴾ [ يوسف : ٦٠ ] والدليل على أن المراد ذلك قولهم :﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ﴾ قرأ حمزة والكسائي :﴿يكتل﴾ بالياء، والباقون بالنون، والقراءة الأولى تقوى القول الأول، والقراءة الثانية تقوي القول الثاني.
ثم قالوا :﴿وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ ضمنوا كونهم حافظين له، فلما قالوا ذلك قال يعقوب عليه السلام :﴿هَلْ امَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ والمعنى أنكم ذكرتم قبل هذا الكلام في يوسف وضمنتم لي حفظه حيث قلتم :﴿وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ [ يوسف : ١٢ ] ثم ههنا ذكرتم هذا اللفظ بعينه فهل يكون ههنا أماني إلا ما كان هناك يعني لما لم يحصل الأمان هناك فكذلك لا يحصل ههنا.


الصفحة التالية
Icon