ثم قال :﴿فالله خَيْرٌ حافظا وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين﴾ قرأ حمزة والكسائي ﴿حافظا﴾ بالألف على التمييز والتفسير على تقدير هو خير لكم حافظاً كقولهم : هو خيرهم رجلاً ولله دره فارساً، وقيل : على الحال والباقون :﴿حافظا﴾ بغير ألف على المصدر يعني خيركم حفظاً يعني حفظ الله لبنيامين خير من حفظكم، وقرأ الأعمش ﴿فالله خَيْرٌ حافظا﴾ وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه ﴿خَيْرٌ حافظا وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين﴾ وقيل : معناه وثقت بكم في حفظ يوسف عليه السلام فكان ما كان فالآن أتوكل على الله في حفظ بنيامين.
فإن قيل : لم بعثه معهم وقد شاهد ما شاهد.
قلنا : لوجوه : أحدها : أنهم كبروا ومالوا إلى الخير والصلاح، وثانيها : أنه كان يشاهد أنه ليس بينهم وبين بنيامين من الحسد والحقد مثل ما كان بينهم وبين يوسف عليه السلام، وثالثها : أن ضرورة القحط أحوجته إلى ذلك، ورابعها : لعله تعالى أوحى إليه وضمن حفظه وإيصاله إليه.
فإن قيل : هل يدل قوله :﴿فالله خَيْرٌ حافظا﴾ على أنه أذن في ذهاب ابنه بنيامين في ذلك الوقت.
قلنا : الأكثرون قالوا : يدل عليه.
وقال آخرون : لا يدل عليه، وفيه وجهان : الأول : التقدير أنه لو أذن في خروجه معهم لكان في حفظ الله لا في حفظهم.
الثاني : أنه لما ذكر يوسف قال :﴿فالله خَيْرٌ حافظا﴾ أي ليوسف لأنه كان يعلم أنه حي. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٨ صـ ١٣٤ ـ ١٣٥﴾