وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ﴾
قرأ حمزة والكسائي وحفص ﴿ لفتيانه ﴾ وفيهم قولان :
أحدهما : أنهم غلمانه، قاله قتادة.
الثاني : أنهم الذين كالوا لهم الطعام، قاله السدي.
وفي بضاعتهم قولان :
أحدهما : أنها وَرِقهم التي ابتاعوا الطعام بها.
الثاني : أنها كانت ثمانية جُرُب فيها سويق المقل، قاله الضحاك.
وقال بعض العلماء : نبه الله تعالى برد بضاعتهم إليهم على أن أعمال العباد تعود إليهم فيما يثابون إليه من الطاعات ويعاقبون عليه من المعاصي.
﴿ لعلهم يعرفونها ﴾ أي ليعرفوها.
﴿ وإذا انقلبوا إلى أهلهم ﴾ يعني رجعوا إلى أهلهم، ومنه قوله تعالى ﴿ فانقلبوا بنعمة من الله ﴾ [ آل عمران : ١٧٤ ].
﴿ لعلهم يرجعون ﴾ أي ليرجعوا.
فإن قيل : فلم فعل ذلك يوسف؟
قيل : يحتمل أوجهاً خمسة :
أحدها : ترغيباً لهم ليرجعوا، على ما صرّح به.
الثاني : أنه علم منهم لا يستحلّون إمساكها، وأنهم يرجعون لتعريفها.
الثالث : ليعلموا أنه لم يكن طلبه لعودهم طمعاً في أموالهم.
الرابع : أنه خشي أن لا يكون عند أبيه غيرها للقحط الذي نزل به.
الخامس : أنه تحرج أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمن قوتهم مع شدة حاجتهم.
قوله عز وجل :﴿ فلمّا رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا مُنِعَ مِنّا الكيل ﴾
واختلفوا في نزلهم الذي رجعوا إليه إلى أبيهم على قولين :
أحدهما : بالعربات من أرض فلسطين.
الثاني : بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من حمس، وكان صاحب بادية له شاءٌ وإبل.
﴿ قالوا يا أبانا منع منا الكيل ﴾ أي سيمنع منا الكيل إن عدنا بغير أخينا لأن ملك مصر ألزمنا به وطلبه منا إما ليراه أو ليعرف صدقنا منه.
﴿ فأرسل معنا أخانا نكتَل ﴾ أي إن أرسلته معنا أمكننا أن نعود إليه ونكتال منه.
﴿ وإنا له لحافظون ﴾ ترغيباً له في إرساله معهم. فلم يثق بذلك منهم لما كان منهم في يوسف.


الصفحة التالية
Icon