وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر :" نكتل " بالنون على مراعاة ﴿ منع منا ﴾ ويقويه :﴿ ونمير أهلنا ونزداد ﴾ [ يوسف : ٦٥ ] وقرأ حمزة والكسائي :" يكتل " بالياء، أي يكتل يامين كما اكتلنا نحن.
وأصل ﴿ نكتل ﴾، وزنه نفتعل. وقوله ﴿ منع منا ﴾ ظاهره أنهم أشاروا إلى قوله :﴿ فلا كيل لكم عندي ﴾ [ يوسف : ٦٠ ] فهو خوف في المستأنف ؛ وقيل : أشاروا إلى بعير بنيامين - الذي لم يمتر - والأول أرجح. ثم تضمنوا له حفظه وحيطته.
﴿ قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ﴾
قوله ﴿ هل ﴾ توقيف وتقرير، وتألم يعقوب عليه السلام من فرقة بنيامين، ولم يصرح بمنعهم من حمله لما رأى في ذلك من المصلحة، لكنه أعلمهم بقلة طمأنينته إليهم. وأنه يخاف عليه من كيدهم، ولكن ظاهر أمرهم أنهم كانوا نبئوا وانتقلت حالهم، فلم يخف كمثل ما خاف على يوسف من قبل، لكن أعلم بأن في نفسه شيئاً، ثم استسلم لله تعالى، بخلاف عبارته في قصة يوسف.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم - في رواية أبي بكر - " خير حفظاً " وقرأ حمزة والكسائي وحفص - عن عاصم - " خير حافظاً " ونصب ذلك - في القراءتين - على التمييز. وقال الزجاج : يجوز أن ينصب " حافظاً " على الحال، وضعف ذلك أبو علي الفارسي، لأنها حال لا بد للكلام والمعنى منها، وذلك بخلاف شرط الحال، وإنما المعنى أن حافظ الله خير حافظكم. ومن قرأ " حفظاً " فهو مع قولهم :﴿ ونحفظ أخانا ﴾. ومن قرأ " حافظاً " فهو مع قولهم ﴿ وإنا له لحافظون ﴾ [ يوسف : ٦٣ ] فاستسلم يعقوب عليه السلام لله وتوكل عليه. قال أبو عمرو الداني : قرأ ابن مسعود :" فالله خير حافظ وهو خير الحافظين ".
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا بعد. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾