وقال الخازن :
قوله :﴿ وقال لفتيانه ﴾
يعني : وقال يوسف لفتيانه وهم غلمانه وأتباعه ﴿ اجعلوا بضاعتهم في رحالهم ﴾ أراد بالبضاعة ثمن الطعام الذي أعطوه ليوسف وكانت دراهم وحكى الضحاك عن ابن عباس أنها كانت النعال والأدم والرحال جمع رحل وهي الأوعية التي يحمل فيها الطعام وغيره ﴿ لعلهم يعرفونها ﴾ يعني يعرفون بضاعتهم ﴿ إذا انقلبوا إلى أهلهم ﴾ يعني إذا رجعوا إلى أهلهم ﴿ لعلهم يرجعون ﴾ إلينا واختلفوا في السبب الذي من أجله رد يوسف عليهم بضاعتهم فقيل إنه إذا فتحوا متاعهم ووجدوا بضاعتهم قد ردت إليهم علموا أن ذلك من كرم يوسف وسخائه فيبعثهم ذلك على الرجوع إليه سريعاً وقيل إنه خاف أن لا يكون عند أبيه شيء آخر من المال لأن الزمان كان زمان قحط وشدة، وقيل : إنه رأى أن أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته لؤم لشدة حاجتهم إليه وقيل أراد أن يحسن إليهم على وجه لا يلحقهم فيه لوم ولا عيب، وقيل أراد أن يريهم بره وكرمه وإحسانه إليهم في رد بضاعتهم ليكون ذلك أدعى إلى العود إليه، وقيل : إنما فعل ذلك لأنه علم أن ديانتهم وأمانتهم تحملهم على رد البضاعة إليه إذا وجدوها في رحالهم لأنهم أنبياء وأولاد أنبياء وقيل أراد برد البضاعة إليهم أن يكون ذلك عوناً لأبيه ولإخوته على شدة الزمان.
﴿ فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا ﴾
إنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة عظيمة لو كان رجلاً من أولاد يعقوب ما أكرمنا كرامته فقال لهم يعقوب إذا رجعتم إلى ملك مصر فاقرؤوا عليه مني السلام وقولوا له إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك بما أوليتنا ثم قال لهم أين شمعون قالوا ارتهنه ملك مصر عنده وأخبروه بالقصة ثم قالوا يا أبانا ﴿ منع منا الكيل ﴾ وفيه قولان :
أحدهما : أنهم لما أخبروا يوسف بأخيهم من أبيهم طلبوا منه الطعام لأبيهم وأخيهم المتخلف عند أبيهم فمنعهم من ذلك حتى يحضر فقولهم منع منا الكيل إشارة إليه وأراد بالكيل الطعام لأنه يكال.