وقال الآلوسى :
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ متاعهم ﴾
قال الراغب : المتاع كل ما ينتفع به على وجه، وهو في الآية الطعام، وقيل : الوعاء وكلاهما متاع وهما متلازمان فإن الطعام كان في الوعاء، والمعنى على أنهم لما فتحوا أوعية طعامهم ﴿ وَجَدُواْ بضاعتهم ﴾ التي كانوا أعطوها ثمناً للطعام ﴿ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ﴾ أي تفضلاً وقد علموا ذلك بما مر من دلالة الحال، وقرأ علقمة.
ويحيى بن وثاب.
والأعمش ﴿ رُدَّتْ ﴾ بكسر الراء، وذلك أنه نقلت حركة الدال المدغمة إلى الراء بعد توهم خلوها من الضمة وهي لغة لبني ضبة كما نقلت العرب في قيل وبيع، وحكى قطرب النقل في الحرف الصحيح غير المدغم نحو ضرب زيد.
﴿ قَالُواْ ﴾ استئناف بياني كأنه قيل : ماذا قالوا حينئذ؟ فقيل : قالوا لأبيهم ولعله كان حاضراً عند الفتح ﴿ قَالُواْ يأَبَانَا مَا نَبْغِى ﴾ إذا فسر البغي بمعنى الطلب كما ذهب إليه جماعة فما يحتمل أن تكون استفهامية منصوبة المحل على أنها مفعول مقدم لنبغي فالمعنى ماذا نطلب وراء ما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الداعي إلى امتثال أمره والمراجعة إليه في الحوائج وقد كانوا أخبروه بذلك على ما روى أنهم قالوا له عليه السلام : إنا قدمنا على خير رجل وأنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلاً من آل يعقوب ما أكرمنا كرامته، وقوله تعالى :﴿ هذه بضاعتنا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته كأنهم قالوا : كيف لا وهذه بضاعتنا ردها إلينا تفضلاً من حيث لا ندري بعدما من علينا بما يثقل الكواهل من الممنن العظام وهل من مزيد على هذا فنطلبه، ومرادهم به أن ذلك كاف في استيجاب الامتثال لأمره والالتجاء إليه في استجلاب المزيد، ولم يريدوا أنه كاف مطلقاً فينبغي التقاعد عن طلب نظائره وهو ظاهر.