﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾ بنيامين مما تخافه عليه ﴿ وَنَزْدَادُ ﴾ بسبب إرساله معنا ﴿ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ أي : حمل بعير زائد على ما جئنا به هذه المرة، لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير، ومعنى ﴿ ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ ﴾ أن زيادة كيل بعير لأخينا يسهل على الملك، ولا يمتنع علينا من زيادته له لكونه يسيراً لا يتعاظمه ولا يضايقنا فيه.
وقيل إن المعنى : ذلك المكيل لأجلنا قليل نريد أن ينضاف إليه حمل بعير لأخينا.
واختار الزجاج الأوّل.
وقيل : إن هذا من كلام يعقوب جواباً على ما قاله أولاده، ﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ يعني : إن حمل بعير شيء يسير لا يخاطر لأجله بالولد، وهو ضعيف ؛ لأن جواب يعقوب هو ﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حتى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مّنَ الله ﴾ أي : حتى تعطوني ما أثق به، وأركن إليه من جهة الله سبحانه، وهو الحلف به، واللام في ﴿ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ ﴾ جواب القسم ؛ لأن معنى ﴿ حتى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مّنَ الله ﴾ : حتى تحلفوا بالله لتأتنني به أي : لتردنّ بنيامين إليّ.
والاستثناء بقوله :﴿ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ هو من أعمّ العام ؛ لأن ﴿ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ ﴾ وإن كان كلاماً مثبتاً فهو في معنى النفي، فكأنه قال : لا تمنعون من إتياني به في حال من الأحوال لعلة من العلل إلاّ لعلة الإحاطة بكم، والإحاطة مأخوذة من إحاطة العدو، ومن أحاط به العدوّ فقد غلب أو هلك.
فأخذ يعقوب عليهم العهد بأن يأتوه ببنيامين إلاّ أن تغلبوا عليه أو تهلكوا دونه، فيكون ذلك عذراً لكم عندي ﴿ فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ﴾ أي : أعطوه ما طلبه منهم من اليمين ﴿ قَالَ الله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ أي : قال يعقوب : الله على ما قلناه من طلبي الموثق منكم وإعطائكم لي ما طلبته منكم مطلع رقيب لا يخفى عليه منه خافية، فهو المعاقب لمن خاس في عهده، وفجر في الحلف به، أو موكول إليه القيام بما شهد عليه منا.