وقال القاسمى :
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ﴾ أي : وجدوا دراهمهم، ثمن طعامهم في متاعهم.
روي أن أحدهم فتح متاعه ليأخذ علفاً لدابته، فرأى فضته في فم متاعه، فقال لإخوته : قد ردت دراهمي وها هي في متاعي، ثم لما وصلوا كنعان، وأخذوا يفرغون أوعيتهم، وجد كل واحد منهم صرة دراهمه في وعائه، فاستطارت قلوبهم، ودهشوا، وحمدوا عناية الله بهم.
﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ﴾ أي : ماذا نبتغي وراء ذلك ؟ هل من زيادة ؟ أي : لا مزيد على ما فعل ؛ لأنه أكرمنا، وأحسن مثوانا، بإنزالنا عنده، ورد الثمن علينا. والقصد إلى استنزاله عن رأيه. أو : لا نبغي في القول ولا نكذب فيما حكينا لك، من إحسانه الداعي إلى امتثال أمره. أو : ما نبغي وما ننطق إلا بالصواب فيما نشير به عليك من تجهيزنا مع أخينا، وقرئ على الخطاب. أي : أي : شيء تطلب وراء هذا من الدليل على صدقنا ؟.
﴿ هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته، كأنهم قالوا : كيف لا، وهذه بضعتنا ردت إلينا تفضلاً من حيث لا ندري ؟.
﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾ معطوف على مقدر مفهوم. أي : فنستظهر بها، ونمير أهلنا إذا رجعنا إلى الملك، أي : نأتيهم بميرة، أي : بطعام. يقال :( ماره ) أتاه بطعام، ومنه :( ما عنده خير ولا مير ).
﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾ أي : فلا يصيبه شيء مما تخافه :﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ أي : باستصحابه :﴿ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ﴾ أي : سهل على هذا الملك المحسن لسخائه، فلا يضايقنا فيه. أو المعنى قصير المدة، ليس سبيل مثله أن تطول مدته بسبب الحبس والتأخير. أو المعنى : ذلك الذي يكال لنا دون أخينا شيء يسير قليل، فابعث أخانا معنا حتى نتسع ونتكثر بمكيله...


الصفحة التالية
Icon