قال السيد ولم يذكر صاحب " المفتاح" عطف القصة على القصة فتحير الجامدون على كلامه في هذا المقام وتوهموا أن مراد صاحب " الكشاف" هنا عطف الجملة على الجملة وأن الخبر المتقدم مضمن معنى الطلب أو بالعكس لتتناسب الجملتان مع أن عبارة " الكشاف" صريحة في غير ذلك وقصد السيد من ذلك إبطال فهم فهمه سعد الدين من كلام " الكشاف" وأودعه في شرحه " المطول" على " التخليص".
وجوز صاحب " الكشاف" أن يكون قوله :﴿وبشر﴾ معطوفاً على قوله :﴿فاتقوا﴾ [ البقرة : ٢٤ ] الذي هو جواب الشرط فيكون له حكم الجواب أيضاً وذلك لأن الشرط وهو ﴿فإن لم تفعلوا﴾ [ البقرة : ٢٤ ] سبب لهما لأنهم إذا عجزوا عن المعارضة فقد ظهر صدق النبيء فحق اتقاء النار وهو الإنذار لمن دام على كفره وحقت البشارة للذين آمنوا.
وإنما كان المعطوف على الجواب مخالفاً له لأن الآية سيقت مساق خطاب للكافرين على لسان النبيء فلما أريد ترتب الإنذار لهم والبشارة للمؤمنين جعل الجواب خطاباً لهم مباشرة لأنهم المبتدأ بخطابهم وخطاباً للنبيء ليخاطب المؤمنين إذ ليس للمؤمنين ذكر في هذا الخطاب فلم يكن طريق لخطابهم إلا الإرسال إليهم.
وقد استضعف هذا الوجه بأن علماء النحو قرروا امتناع عطف أمر مخاطب على أمر مخاطب إلا إذا اقترن بالنداء نحو قم يا زيدُ واكتب يا عمرو، وهذا لا نداء فيه.
وجوز صاحب " المفتاح" أن ﴿بشر﴾ معطوف على قُلْ مقدَّراً قبل ﴿يا أيها الناس اعبدوا﴾ [ البقرة : ٢١ ] وقال القزويني في " الإيضاح" إنه معطوف على مقدر بعد قوله :﴿أُعدت للكافرين﴾ [ البقرة : ٢٤ ] أي فأنذر الذين كفروا وكل ذلك تكلف لا داعي إليه إلا الوقوف عند ظاهر كلام النحاة مع أن صاحب " الكشاف" لم يعبأ به قال عبد الحكيم لأن منع النحاة إذا انتفت قرينة تدل على تغاير المخاطبين والنداء ضرب من القرينة نحو :﴿يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك﴾ [ يوسف : ٢٩ ] ا ه.