وعلامةُ نصبه الكَسْرَةُ ؛ لأنَّهُ من باب جمع المؤنث السالم عن الفتحةِ، التي هي أصلُ النَّصْبِ.
قال معاذ :" العملُ الصالحُ الذي فيه أربعة أشياء : العِلْمُ والنِّيَّهُ والصَّبْرُ والإخْلاصُ ".
وقال عثمان بن عَفَّان :" أخلصوا الأعمال ".
قوله :﴿أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾.
" جنَّاتٍ " : اسم :" أنَّ ".
و" لهم " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ.
ولا يجوز تقديم خبر " أنَّ وأخواتها إلاَّ ظرفاً أو حرف جرٍّ، و" أنَّ " وما في حيِّزها في محل جرٍّ عند الخليل والكسائي، ونصب عند سيبويه والفرَّاء ؛ لأنَّ الأصل : وبَشِّرِ الذين آمنوا بأنَّ لهم، فحذف حرف الجرِّ مع " أنَّ "، وهو حذفٌ مطَّرِدٌ معها، ومع " أنَّ " الناصبة للمضارع، بشرط أَمْنِ اللَّبْسِ، بسبب طولهما بالصلةِ، فلمَّا حُذِفَ حرفُ الجرَِّ، جرى الخلافُ المذكورُ، فالخليلُ والكسائيُّ يقولان :" كأنَّ الحرف موجود، فالجرُّ بَاقٍ ".
واستدلَّ الأخفشُ لهما بقول الشاعر :[ الطويل ]
وَمَا زُرْتُ لَيْلَى أَنْ تَكُونَ حَبِيبَةً...
إِلَيَّ وَلاَ دَيْنٍ بِهَا أَنَا طَالِبُهْ
فَعَطْفُ " دَيْنٍ " بالجرِّ على محلِّ " أنْ تَكُونَ " يُبَيِّنُ كونَها مجرورةً.
قيل :" ويحتملُ أن يكون من باب عطفِ التَّوَهُّمِ، فلا دليل فيه ".
والفرَّاءُ وسيبويه يقُولاَن : وجَدْنَاهُمْ إذا حذفوا حرفَ الجرِّ، نَصَبُوا ؛ كقولِهِ :[ الوافر ]
تَمُرُّونَ الدِّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا...
كَلاَمُكُمْ عَلَيَّ إِذَنْ حَرَامُ
أي : بالدِّيار، ولا يجوزُ الجَرُّ إلاَّ في نادرِ شِعْرٍ ؛ كقوله :[ الطويل ]
إِذَا قِيلَ : أيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ ؟...
أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالأَكُفِّ الأَصَابِعُ
أي : إلى كُلَيْبٍ ؛ قول الآخر :[ الكامل ]
..........
حَتًَّى تَبْذَّخَ فَارْتَقَى الأعْلاَمِ
أي : إلى الأَعْلاَم.
و" الجَنَّةُ " : البُسْتَانُ.


الصفحة التالية
Icon