وقيل : الأرضُ ذات الشَّجرِ، سمّيت بذلك لسترها من فيها، ومنه " الجَنِينُ " لاستتاره، و" المِجَنُّ " : التُّرْسُ، وكذلك " الجُنَّةُ " لاستتارهم عن أَعْيُنِ النَّاسِ.
قال الفرَّاءُ :" الجنَّةُ " ما فيه النخيل، و" الفردوس " : ما فيه الكرم.
قوله :﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ هذه الجملة في محلّ نصبٍ، لأنَّها صفةٌ لـ " جنَّات ".
و" تَجْري " مرفوع لتجرُّدِه من الناصب والجازم، وعلامةُ رفعه ضمّةٌ مقدرةٌ في " الياء " استثقالاً، وكذلك تقدَّرُ في كُلٍِّ فَعْلٍ مُعْتَلٍّ نحو :" يَدْعو "، و" يَخْشَى "، إلاَّ أنَّها تُقَدَّرُ في " الأَلِفِ " تعذُّراً.
" من تحتها " أي : من تحت أَشْجَارها ومساكنها.
وقيل : من تحتها أي : بأمرهم.
كقول فرعون :﴿تَجْرِي مِن تحتيا﴾ [ الزخرف : ٥١ ] أي : بأمري.
و" الأنهارُ " جمعُ نَهْرٍ بالفتح، وهي اللُّغةُ العالية، وفيه تسكين " الهاء " ولكن " أفعال " لا ينقاس في " فَعْل " السَّاكن العين، بل يحفظ نحو :" أَفْراخ "، و" أَزْنَاد "، و" أفراد.
و" النَّهرُ " : دونَ البحرِ، وفوق الجدول، وهل هو مجرى الماءِ، أو الماء الجاري نفسُه ؟
والأوَّلُ أظهرُ ؛ لأنًَّه مشتقٌّ من " نَهَرَُ " أي : وَسَّعْتُ.
قال قَيْسُ بن الخطِيمِ يصفُ طَعْنَةً :[ الطويل ]
مَلَكْتُ بِهَا كَفَِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا......
أي : وَسَّعْتُ.
ومنه :" النَّهارُ " لاتِّساع ضوئِهِ، وإنَّما أُطْلِقَ على الماء مجازاً إطلاقاً للمحلِّ على الحالِّ.
ومنه قوله عليه السَّلامُ :" ما أَنْهَرَ الدَّمَ " معناه : ما وسَّعَ الذَّبْحَ ؛ حَتَّى يجري الدَّم كالنَّهْرِ، وجمعُ النَّهرِ : نَهَرٌ وأَنْهَارٌ، وَنَهْرٌ نَهِرٌ : كثير الماء.
قال أبو ذُؤَيب :[ المتقارب ]
أَقَامَتْ بِهِ وَابْتَنَتْ خَيْمَةً...
عَلَى قَصَبٍ وَفُرَاتٍ نَهِرْ