و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ، ولَمَّا قطعت " قَبْلُ " بُنِيَتْ [ وإنما بنيت ] على الضَّمَّةِ ؛ لأنها حركة لم تكنْ لها حالَ إعرابها.
واختلف في هذه الجملةِ، فقيل : لا محلَّ لها من الإعراب ؟ لأنَّها استئنافيةٌ، فإنَّهُ قيل : لَما وصفت الجَنَّاتُ ما حالها ؟
فقيل : كُلَّمَا رُزِقُوا قالوا.
وقيل : لَهَا محلٌّ، ثُمَّ اختلف فيه، فقيل : رَفْعٌ على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، واختلف في ذلك المبتدأ، فقيل : ضمير " الجنَّات "، أي : هي كلَّما وقيل ضمير " الَّذين آمنوا " أي : هم كُلَّما رُزِقوا قالوا.
وقيل : مَحَلُّها نَصْبٌ على الحالِ، وصاحبُها : إمَّا " الذين آمنوا "، وإمَّا " جنات "، وجاز ذلك، وإن كانت نكرة ؛ لأنها تخصصت بالصفةِ، وعلى هذين تكون حالاً مُقَدَّرة ؛ لأنَّ وقت البشارة بالجَنَّاتِ لم يكونوا مرزوقين ذلك.
وقيل : مَحَلُّهَا نَصبٌ على أنَّها صفة لـ " جنات " أيضاً.
قوله :﴿وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ الظاهِرُ أنَّها جملةٌ مستأنفة.
وقال الزمخشريُّ فيها : هو كقولك :" فلانُ أَحْسِن بِفُلانٍ " ونِعْمَ ما فعل، ورأى من الرَّأي كذا، وكان صواباً.
ومنه :﴿وجعلوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وكذلك يَفْعَلُونَ﴾ [ النمل : ٣٤ ].
وما أشْبَه ذلك من الحُمَلِ التي تُُسَاقُ في الكلام معترضةً للتقرير، يعني بكونها معترضة، أي من أحوال أَهْلِ الجنَّةِ، فإنَّ بَعْدَهَا :﴿وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ﴾، وإذا كانت معترضةً فلا محلَّ لها.
وقيل : هي عَطْفٌ على " قالوا ".
وقيل : مَحَلُّها النَّصبُ على الحالِ، وصاحبُها فاعل " قالوا " أي : قالوا هذا الكلام في هذا الحال، ولا بُدَّ من تقدير " قد " قبل الفعل، أي :" وَقَدْ أُتُوا "، وأَصْلُ أُتُوا : أُتِيُوا مِثْل : ضُرِبوا، فأُعِلَّ كَنَظَائِرِهِ.