[ وقرأ هارون ] الأعور :" وأَتوا " مبنيّاً للفاعل، والضَّمير للولدان والخدم للتصريح بهم في غير موضع، والضميرُ في " به " يعود على المرزوق الذي هو الثمرات، كما أن هذه إشارة إليه.
وقال الزمخشري :" يعود إلى المرزوق في الدُّنْيَا والآخرة ؛ لأنَّ قوله :﴿الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ﴾ انطوى تحته ذكر ما رُزِقُوه في الدَّارَيْنِ.
ونظيرُ ذلك قوله تعالى :﴿إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فالله أولى بِهِمَا﴾ [ النساء : ١٣٥ ] ".
أي : بجنسي الغنيِّ والفقير المدلول عليهما بقوله :﴿غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً﴾ [ النساء : ١٣٥ ] ويعني بقوله :" انطوى تحته ذِكْرُ ما رُزُِقوه في الدَّارَيْنِ " اَنَّهُ لَمَّا كان التقديرُ : مِثْلَ الَّذي رُزِقْناه كان قد انطوى على المرزوقين معاً، كما أنَّ قَوْلَكَ :" زَيْدٌ مثلُ حاتمٍ " مُنْطَوٍ على زيدٍ وحاتمٍ.
قال أبو حيَّان :" وما قاله غيرُ ظاهرٍ ؛ لأنَّ الظاهِرِ عَوْدُه على المرزوقِ في الآخرة فقط ؛ لأنَّه هو المُحَدّثُ عنه، والمشبَّهُ بِالَّذِي رُزقوه من قبلُ، لا سيما إذا فسِّرت القبلية بما في الجنَّةِ، فَإِنَّهُ يتعيّنُ عَوْدُ على المرزوق في الجنَّةِ فقط، وكذلك إذا أعربت الجملة حالاً ؛ إذ يصير التقديرُ : قالوا : هذا الذي رُزِقْنَا من قَبْلُ وقد أتوا به ؛ لأنه الحامل لهم على هذا القول، كأنَّه أُتُوا به مُتَشَابِهاً وعلى تقدير أن يكون معطوفاً على قالوا، لا يَصِحُّ عوده على المرزوق في الدَّارين ؛ لأن الإتيان إذ ذاك يستحيل أن يكون ماضياً معنىً ؛ لأنَّ العامل في " كُلَّما " أو ما في حيزها يحتمل هُنا أن يكون مستقبل المَعْنَى ؛ لأنها لا تخلو من معنى الشرط، وعلى تقدير كونها مستأنفة لا يظهر ذلك أيضاًً، لأنَّ هذه محدَّث بها عن الجَنَّةِ وأحوالها ".


الصفحة التالية
Icon