فإن قال قائل : ما وجه الامتنان بمتشابهه، وكلّما تنوعت المطاعم واختلفت ألوانها كان أحسن ؟! فالجواب : أنا إن قلنا : إنه متشابه المنظر مختلف الطعم، كان أغرب عند الخلق وأحسن، فانك لو رأيت تفاحة فيها طعم سائر الفاكهة، كان نهاية في العجب.
وإن قلنا : إنه متشابه في الجودة ؛ جاز اختلافه في الألوان والطعوم.
وإن قلنا : إنه يشبه صورة ثمار الدنيا مع اختلاف المعاني ؛ كان أطرف وأعجب، وكل هذه مطالب مؤثرة.
قوله تعالى :﴿ولهم فيها أزواجٌ مُطهَّرة﴾ أي : في الخَلْق، فانهن لا يحضن ولا يبلن، ولا يأتين الخلاء.
وفي الخُلُق، فانهن لا يحسدن، و لايغرن، ولا ينظرن إلى غير أزواجهن.
قال ابن عباس : نقية عن القذى والأذى.
قال الزجاج : و" مطهَّرة" أبلغ من طاهرة، لأنه للتكثير.
والخلود : البقاء الدائم الذي لا انقطاع له. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٥٢ ـ ٥٣﴾
ومن فوائد البيضاوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿وَبَشّرِ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أَنَّ لَهُمْ جنات﴾ عطف على الجملة السابقة، والمقصود عطف حال من آمن بالقرآن العظيم ووصف ثوابه، على حال من كفر به، وكيفية عقابه على ما جرت به العادة الإلهية من أن يشفع الترغيب بالترهيب، تنشيطاً لاكتساب ما ينجي، وتثبيطاً عن اقتراف ما يردي، لا عطف الفعل نفسه حتى يجب أن يطلب له ما يشاكله من أمر أو نهي فيعطف عليه أو على فاتقوا، لأنهم إذا لم يأتوا بما يعارضه بعد التحدي ظهر إعجازه، وإذا ظهر ذلك فمن كفر به استوجب العقاب، ومن آمن به استحق الثواب، وذلك يستدعي أن يخوف هؤلاء ويبشر هؤلاء، وإنما أمر الرسول ﷺ، أو عالم كل عصر، أو كل أحد يقدر على البشارة بأن يبشرهم. ولم يخاطبهم بالبشارة كما خاطب الكفرة، تفخيماً لشأنهم وإيذاناً بأنهم أحقاء بأن يبشروا ويهنأوا بما أعد لهم.


الصفحة التالية
Icon