﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ وجمعها وتنكيرها لأن الجنان على ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما سبع : جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعِلِّيُون، وفي كل واحدة منها مراتب ودرجات متفاوتة على حسب تفاوت الأعمال والعمال. واللام في ﴿لَهُمْ﴾ تدل على استحقاقهم إياها، لأجل ما ترتب عليه من الإيمان والعمل الصالح، لا لذاته فإنه لا يكافىء النعم السابقة، فضلاً عن أن يقتضي ثواباً وجزاء فيما يستقبل بل بجعل الشارع، ومقتضى وعده تعالى لا على الإطلاق، بل بشرط أن يستمر عليه حتى يموت وهو مؤمن لقوله تعالى :﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلئِكَ حَبِطَتْ أعمالهم﴾ وقوله تعالى لنبيه ﷺ ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ وأشباه ذلك، ولعله سبحانه وتعالى لم يقيد ههنا استغناء بها.
﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ أي من تحت أشجارها، كما تراها جارية تحت الأشجار النابتة على شواطئها. وعن مسروق أنهار الجنة تجري في غير أخدود : واللام في ﴿الأنهار﴾ للجنس، كما في قولك لفلان : بستان في الماء الجاري، أو للعهد، والمعهود : هي الأنهار المذكورة في قوله تعالى :﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءَاسِنٍ﴾ الآية. والنهر بالفتح والسكون : المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر، كالنيل والفرات، والتركيب للسعة، والمراد بها ماؤها على الإضمار، أو المجاز، أو المجاري أنفسها. وإسناد الجري إليها مجاز كما في قوله تعالى :﴿وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon