قلت : واحتج ابن عصفور ( للفارسي ) بأن العرب لاحظوا المناسبة في كثير من كلامهم واختاروا التصب في " ضربت القوم حتى زيدا ضربته " مع أنه غير معطوف لأن حتى لا تعطف الجمل وكذلك اختاروا في زيد ضربته إذا كان جوابا لمن قال : أيهم ضربت، بالرفع أن يرتفع، وبالنّصب أن ينتصب، فقد لاحظوا المناسبة في عدم العطف وهذا كله ( نصّ ) على أنه ليس معطوفا على الصغرى ( بوجه بل محمولا عليها في النصب للمشاركة بين ( الجملة ) وبين ما يليها خاصة ).
قال ابن عطية : الأغلب استعمال البشارة في الخير وقد تستعمل في الشر مقيدة به فمتى أطلقت فهي في الخبر.
قال الزمخشري : البشارة الإخبار بما يظهر سرور المخبر به أو عنه.
قال : و ( أما ) ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فمن العكس في الكلام الذي يقصد به الاستهزاء الزائد في غيظ المسْتَهْزَإ به وتألمه.
قال ابن عرفة : جعله الزمخشري من قسم المنفرد، وابن عطية من قسم المشترك.
نص الأصوليون في التعارض أن الإفراد ( أولى ).
قال الزمخشري : ومن ثم قال العلماء فيمن قال لعبيدِه :" أيكم بشرني بقدوم فلان فهو حر "، فبشروه فرادى فعتق أولهم، ولو قال : أيكم أخبرني ( بقدوم فلان فهو حر ) م، فأخبروه فرادى عتقوا كلهم.
قال ابن عرفة : عوائدهم يقولون : لا فرق بينهما فإن الإخبار الثاني بعد الأول لم يفد شيئا فهو تحصيل الحاصل فليس بإخبار في الحقيقة.
قال : لكن يجاب عنه بأن في الإيمان والنذور من المدونة ما نصه :" ومن حلف لرجل إن علِم كذا ليعلّمنّه أو ليخبرنّه " فعلماه جميعا لم يبرّ حتى يعلمه أو يخبره ( مع أن ) إخباره لم يفد شيئا.
قال : فإن كتب إليه وأرسل إليه رسولا برّ ولو أسر إليه رجلٍ ( سرا ) وأحلفه لتكتمنّه ثم أسره المسرّ ( لآخر ) فذكره الاخر للحالف فقال الحالف : ما ظننت أنه أسره لغيري حَنَث مع أن الحالف لم يخبره بشيء بل أفهمه بما هو تحصيل الحاصل..
" وفي كتاب العتق الثاني من المدونة ".