والوعيد والجنة والنار. وهل هما الآن مخلوقتان أم لا؟ ظاهر الآية من نحو قوله ﴿ أعدت للمتقين ﴾ ﴿ أعدت للكافرين ﴾ والأحاديث كقوله ﷺ في حديث صلاة الخسوف " إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً ورأيت النار فلم أر كاليوم منظراً قط يدل على وجودهما " وكذا سكنى آدم وحواء الجنة، وقد جمع الله في الآية جوامع اللذات من المسكن وهو الجنات، ومن المطعم وهو الثمرات، ومن المنكح وهو الأزواج المطهرات، ثم زال عنهم نقص الزوال بقوله ﴿ وهم فيها خالدون ﴾ إتماماً للنعمة والحبور وتكميلاً للبهجة والسرور. والبشارة الإخبار بما يظهر سرور المخبر به، ولهذا قال العلماء : إذا قال لعبيده : أيكم بشرني بقدوم فلان فهو حر فبشروه فرادى، عتق أوّلهم لأنه هو الذي أظهر سروره بخبره ولو قال : مكان بشرني أخبرني عتقوا جميعاً لأنهم جميعاً أخبروه. ومنه البشرة لظاهر الجلد، وتباشير الصبح ما ظهر من أوائل ضوئه. فأما قوله ﴿ فبشرهم بعذاب أليم ﴾ [ آل عمران : ٢١ ] فمن باب التهكم والاستهزاء، فإن قيل : علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهي يصح عطفه عليه؟ قلنا : ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي، إنما المتعمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين على جملة وصف عقاب الكافرين، كما تقول : زيد يعاقب بالقيد والإرهاق، وبشر عمراً بالعفو والإطلاق، ولك أن تقول معطوف على ﴿ فاتقوا ﴾ كقولك : يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم، وبشر يا فلان بني أسد بإحساني إليهم. وقال بعض المحققين : إنه معطوف على قل مقدراً قبل ﴿ يا أيها الناس ﴾ فإن تقدير القول في القرآن مع وجود القرينة غير عزيز كقوله تعالى